4 طرق تُكافح النسيان

30 أكتوبر 2025 10:00 م

يُعدّ النسيان من أكثر التجارب البشرية شيوعاً وإحباطاً في الوقت ذاته، فكم من فكرة لامعة خطرت على البال أثناء ممارسة الرياضة، أو كم من مهمة نسيناها بمجرد الانشغال بأمر آخر؟ قد يعتقد البعض أن تحسين الذاكرة يتطلب جهداً كبيراً وتقنيات معقدة مثل فن الاستذكار أو بناء قصور الذاكرة، ولكن علم الأعصاب الحديث يكشف عن إستراتيجيات بسيطة وفعّالة لا تتطلب سوى القليل من الوقت والجهد لتحسين الذاكرة قصيرة المدى والاستدعاء. هذه الطرق، المدعومة بالأبحاث، توفر حلولاً عملية وسريعة للتعامل مع تحديات الذاكرة اليومية.

1 - التعبير بصوت عالٍ: فصل الكلمات لترسيخها

قد يبدو التحدث إلى النفس غريباً، ولكن الدراسات العلمية تثبت فعاليته في تعزيز الذاكرة. فقد وجدت دراسة نُشرت في مجلة «التعلم والذاكرة والإدراك» (Learning, Memory, and Cognition) أن قول الكلمات بصوت عالٍ - أو حتى مجرد تحريك الشفاه بها - يجعلها أكثر تميزاً عن بقية الأفكار التي تدور في الذهن. وهذا التمييز يسهل على الدماغ معالجتها وتخزينها. فالتعبير اللفظي يحول الفكرة من مجرد مفهوم داخلي إلى حدث خارجي مسموع، ما يعزّز مسارات الذاكرة.

2 - التنبؤ بالاستدعاء: اختبار ذاتي يعزّز الحفظ

قد يبدو الأمر غريباً، لكن مجرد سؤال النفس عما إذا كانت ستتذكر شيئاً ما يزيد بشكل كبير من احتمالية تذكره. فقد أظهرت دراسة نُشرت في «المجلة الكندية لعلم النفس التجريبي» (Canadian Journal of Experimental Psychology) أن هذا الفعل البسيط يمكن أن يحسّن الذاكرة بنسبة تصل إلى 50 في المئة. وهذا ينطبق بشكل خاص على ما يسميه علماء النفس «الذكريات المستقبلية» (prospective memories)، وهي تذكر القيام بفعل مخطط له في المستقبل، مثل تذكر الثناء على موظف، أو إرسال بريد إلكتروني إلى عميل.

3 - التدريب الذهني لمدة 40 ثانية: ترسيخ الذاكرة الموقتة

يُعرف «توطيد الذاكرة» (Memory consolidation) بأنه عملية تحويل الذكريات الموقتة إلى ذكريات أكثر استقراراً وطويلة الأمد. وعلى الرغم من أن هذه العملية تستغرق وقتاً، إلا أن دراسة نُشرت في «مجلة علم الأعصاب» (The Journal of Neuroscience) وجدت أن فترة قصيرة من التدريب الذهني لمدة 40 ثانية - مثل إعادة تشغيل حدث في الذهن، أو مراجعة ما قاله شخص ما في اجتماع، أو التخطيط الذهني لسلسلة من الخطوات - تزيد بشكل كبير من احتمالية تذكر ما تم التدريب عليه.

4 - إغلاق العينين لمدة دقيقتين: استراحة ذهنية مثمرة

وجدت دراسة نُشرت في «مراجعات الطبيعة في علم النفس» (Nature Reviews Psychology) أن «دقيقتين فقط من الراحة مع إغلاق العينين يمكن أن تحسن الذاكرة، وربما بنفس درجة ليلة كاملة من النوم». ويطلق علماء النفس على هذا اسم «الراحة اليقظة غير المتصلة» (offline waking rest)، والتي يمكن أن تكون في أبسط صورها إغلاق العينين والتفكير الهادئ، أو أحلام اليقظة، أو التأمل.

الخلاصة أن هذه الإستراتيجيات البسيطة تظهر أن تحسين الذاكرة ليس بالضرورة عملية شاقة أو معقدة، بل يمكن لبعض التعديلات السلوكية الصغيرة أن تحدث فرقاً كبيراً في قدرتنا على التذكر والاحتفاظ بالمعلومات.