سلّطت نتائج دراسة طبية حديثة الضوء على أهمية مراقبة نمط ووتيرة تساقط الشعر، وذلك باعتبارهما علامة تحذيرية محتملة و«مبكّرة» للإصابة بمرض الكلى المزمن.
فقد أسفرت تلك النتائج عن أن تدهور وظائف الكلى يؤثر بصورة كبيرة ومباشرة في صحة فروة الرأس وسلامة بصيلات الشعر، مبينة أن فقدان الشعر لدى مرضى الكلى ينبع من تراكم مواد سامة ونقص العناصر الغذائية الضرورية مثل الحديد والزنك، بالإضافة إلى الاختلالات الهورمونية الحادة، وهو الأمر الذي يجعل فهم هذه المسببات حاسماً لإدارة هذا العَرَض الجانبي الشائع والتعامل معه بمهنية عالية.
وتقوم الكلى بدور حيوي في الجسم يتجاوز مجرد التصفية والتنقية، فهي مسؤولة عن الحفاظ على استتباب التمثيل الغذائي العام. ومع تراجع وظيفتها، تبدأ المنتجات السامة مثل «اليوريا» و«الكرياتينين» بالتراكم في مجرى الدم، وهي حالة تُعرف باسم «اليوريميا»، وهذا التراكم السام يؤثر سلباً في مختلف أجهزة الجسم، بما في ذلك بصيلات الشعر.
كما يتسبب الفشل الكلوي المزمن غالباً في اختلال توازن العناصر الغذائية الأساسية والهورمونات، كالحديد والزنك وفيتامين D وهورمون الغدة الدرقية، وجميعها ضروريات لنمو الشعر الصحي القوي. ويؤدي سوء امتصاص أو فقدان هذه العناصر إلى إضعاف جذوع الشعر، وتباطؤ نموه، والمساهمة في تساقطه بمرور الوقت، في حين أن الضرر الكلوي المزمن يقلل من الدورة الدموية الواصلة إلى فروة الرأس، وهذا يحد من إمدادات الأكسجين والمغذيات الحيوية اللازمة للحفاظ على شعر سليم وقوي.
ويشمل تساقط الشعر المرتبط بمرض الكلى أنواع بارزة عدة، ومن أبرزها:
• أولاً، «الترقق المنتشر، وهو شكل شائع يفقد فيه الشعر كثافته بشكل موحد عبر فروة الرأس، ويرتبط بنقص التغذية والخلل الهرموني، ويتقدم ببطء، ما يجعل ملاحظته صعبة في البداية.
• ثانياً، يصبح الشعر هشاً وجافاً ويتقصف بسهولة حتى مع التمشيط اللطيف، وهو ما يعود إلى انخفاض إفراز الزهم بسبب اختلال الهرمونات، بالإضافة إلى الجفاف المزمن الذي يصاحب أمراض الكلى، وهذا يزيد من قابلية الشعر للتقصف والتشابك.
• ثالثاً، قد يعاني بعض الأفراد من «الشيب المبكر، وهذا يرتبط بالإجهاد التأكسدي الناتج عن تراكم السموم في مجرى الدم، فضلاً عن انخفاض إنتاج الميلانين في البصيلات، ونقص عناصر كـفيتامين B12» والنحاس.
• أما النوع الأكثر حدة، فهو «الثعلبة، وهو شكل أكثر وضوحاً من تساقط الشعر قد يحدث في شكل بقع أو يغطي فروة الرأس بالكامل، وهذا تتفاقم تأثيراته بفعل الإجهاد والأمراض الجهازية ونقص المغذيات الحاد.
ومن الأسباب الجذرية الأخرى وراء تساقط الشعر ما يخص نقص التغذية، حيث يضعف مرض الكلى قدرة الجسم على امتصاص أو استخدام البروتينات والفيتامينات، و«فقر الدم الناتج عن انخفاض إنتاج «الإريثروبويتين» في الكلى المريضة، وهذا يقلل من إمداد الأوكسجين إلى البصيلات.
وعلاوة على ذلك، تُعدّ الاختلالات الهورمونية - مثل ارتفاع هورمون الغدة الدرقية الثانوي - سبباً لاضطراب دورة نمو الشعر، ما قد يؤدي إلى «تيلوجين إفلوفيوم».
وتلعب الأدوية الموصوفة لعلاج أمراض الكلى و«الغسيل الكلوي دوراً سلبياً بسبب الإجهاد الفسيولوجي واستنزاف العناصر الغذائية. وفي هذا الإطار، يوصي الأطباء بضرورة الرصد المنتظم والتواصل الصريح مع الأخصائيين، واللجوء إلى الأنشطة المخففة للتوتر للمساعدة في دعم الصحة العامة وتخفيف حدة تساقط الشعر.