في سوق العمل التنافسي الحالي المتسارع بشكل محموم، يعد الذكاء العاطفي عملة أساسية للترقي المهني، وفقاً لما أكده عالم النفس الشهير توماس شامورو-بريموزيك، أستاذ علم النفس التجاري في جامعة كولومبيا الأميركية.
ففي كتابه الجديد الذي صدر أخيراً تحت عنوان «لا تَكُن نفسك»، ينتقد شامورو-بريموزيك النصيحة الشائعة التي تقول «كن نفسك» معتبراً إياها غير فعالة، مؤكداً أن التركيز على تنمية مهارات اجتماعية مثل اللباقة والسيطرة على النفس أكثر فائدة للتوظيف والتفاعل الإيجابي.
وفي مجال علم النفس، يعرف الذكاء العاطفي بأنه «القدرة على فهم وإدارة نفسك والآخرين»، ما يجعل الفرد أكثر جاذبية وقبولاً في بيئة العمل.
وفي التالي أهم المهارات الاجتماعية في رأي شامورو-بريموزيك:
• الاستقبال الإيجابي للتقييمات والملاحظات والانتقادات الموضوعية من جانب الزملاء: ينصح عالم النفس كل موظف بأن يطلب آراء تقييمة نقدية صادقة من زملائه أو رؤسائه في العمل الذين يملكون الشجاعة لقول ما يجب سماعه، لا ما يرغب فيه. وبدلاً من سؤالهم «كيف كان أدائي في هذا المشروع؟» مثلاً، يستحسن توجيه أسئلة مثل «ماذا كان بإمكاني فعله بشكل أفضل؟ ماذا كان بإمكاني تغييره؟ ماذا كنت ستفعل أنت مختلفاً؟».
• الحفاظ على الهدوء أثناء الاستماع: إذ إن هذا يشجع على استمرار تدفق الآراء التقييمية. ويقول شامورو-بريموزيك: «من الصعب، لكن إذا كان لديك الشجاعة لدعوة تغذية راجعة سلبية وبناءة، ستغلق الفجوة بين كيف تظن أنك جيد وكيف أنت فعلياً؟».
• الوعي الاجتماعي: هذا يسهل التنقل في ديناميكيات العمل بفعالية. وينصح بالتركيز على الآخرين أكثر من الذات، محللاً مشاعرهم واحتياجاتهم. هذا يدعى «العرض الذاتي الإستراتيجي»، حيث يعدل الفرد سلوكه من دون أن يبدو مصطنعاً. ويضيف: «الآخرون يفكرون فقط في أنفسهم، لذا إذا فكرت فيهم، ستكون لديك ميزة كبيرة». هذا الوعي يميز الفرد، معززاً الروابط المهنية والفرص الترقوية.
• التكيف: يتطلب الخروج من منطقة الراحة والانخراط في بيئة العمل ككل. ويحذر من الاعتقاد بثبات السمات مثل الانطوائية، مشجعاً على تعلم مهارات جديدة رغم الإزعاج.
ويختتم شامورو-بريموزيك مؤكداً: «إذا حددت خياراتك بناء على نفسك الماضية والحاضرة، فلن تخلق نفساً مستقبلية أغنى وأوسع»، مشدداً على أن هذا النهج يشكل دليلاً عملياً للنجاح وبناء علاقات مستدامة في بيئة عمل تتطلب الذكاء العاطفي أكثر من الصدق السطحي.