جهود المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى في خدمة الإسلام والمسلمين، مشهودة للقاصي والداني، ومعروفة لدى المخالف والمؤالف، والتي تتمثل في عنايتها بالحرمين الشريفين وقاصديهما، وأخذها على عاتقها قضايا الأمة الإسلامية، ورعايتها للعلماء والدعاة، واهتمامها بالقضاء الشرعي، وغيرها من الأعمال المباركة، فضلاً عن دورها الريادي المشهود في عالم الخير، فجزى الله ولاة أمرها خير الجزاء وأوفاه ووفَّقهم دوماً لما يحب ويرضى.
ومن تلكم الجهود المباركة المستمرة، ذلكم الحدث العظيم، ألا وهو: ملتقى مآثر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح - يرحمه الله - وجهوده في المسجد النبوي الشريف، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، أمير منطقة المدينة المنورة - يحفظه الله.
ذكريات لا تُنسى
وبهذه المناسبة تعود بي الذكريات إلى ما قبل أربعة عقود، حيث أمضيت بالمدينة النبوية نحو عقد ونصف عقد من الزمن:
1 - للدراسة في مدارسها الميمونة.
2 - للاستفادة من دروس المسجد النبوي الشريف، بصحبة الوالد - يرحمه الله - من صغري، مع الحرص على التردد عليها حتى عودتي إلى دولة الكويت الحبيبة، محتفظاً بأريج منابر العلم وصروحه العظيمة.
فقد أنعم الله عليَّ خلال إقامتي بالمدينة النبوية بالأخذ من دلِّ وسمْت خيرة المشايخ وأئمة المسجد النبوي الشريف، وفي طليعتهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح - يرحمه الله، فتجلَّى ذلكم في وسطيتي الإسلامية بسلامة فكر واستقامة منهج، ولله الحمد.
(فنسأل الله أن يجعلنا خيراً مما تظنون، وأن يغفر لنا ما لا تعلمون.
وأن يرحم الأموات الأبرار من أولئك المربين والمعلمين، ويطيل في عمر الأحياء الأوفياء منهم).
فتلكم نبذة يسيرة من سيرة عطرة لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح:
أولاً، مسيرته:
عُين بأمر من المغفور له بإذن الله وإحسانه الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه:
1 - قاضياً بمحكمة المدينة المنورة.
2 - إماماً وخطيباً للمسجد النبوي الشريف.
ثانياً، أبرز مناصبه:
1 - إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف.
2 - عضو هيئة كبار العلماء.
3 - عضو المجلس الأعلى للقضاء.
4 - رئيس المحاكم والدوائر الشرعية بالمدينة المنورة.
ثالثاً، سمتُه ودلّه:
بتوفيق من الله تعالى، من أهم ما تميز به:
1 - الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
2 - وقار الشيخ الفاضل، صاحب الصوت الشجي، الذي جمع بين غزارة العلم وفصاحة وبلاغة الخطيب الارتجالي المؤثر لعقود.
3 - التوفيق بين تواضع العالم الجليل وهيبة القاضي وحِدة ذكائه الثاقب.
(فكان أنعم وأكرم به - من مصدر إلهام وقدوة طيبة - بلسان قاله ولسان حاله).
رابعاً، حياته:
أمضى حياته عطاءً وإنجازاً بلا منة، فنحسبه قد كفّى ووفّى، ولا نزكي على الله أحداً.
خامساً، وفاته:
17 ربيع الثاني 1415هـ الموافق 23 سبتمبر 1994م، وصُلي عليه في المسجد النبوي الشريف، ودُفن في البقيع بالمدينة النبوية.
(أنزل اللهم عليه، وعلى جميع الأبرار شآبيب رحمتك - اغمرهم برحمتك، وأحطهم بواسع فضلك ).
الخاتمة
كانت تلكم إشارات يسيرة إلى مآثر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح - يرحمه الله - وتلكم سطور يسيرة تعبّر عن حبّ من ترك فينا أثراً.
راجياً من الله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى، وأن يجعل ربنا الكريم تلكم السطور ذخراً لي عنده يوم القيامة.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، وعلى سائر أنبيائك أجمعين.