فيما احتفى بشخصية الملتقى الباحث والمترجم المغربي الدكتور سعيد بنكراد، نظّم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فعاليات «ملتقى السرد» مساء الأحد، بفندق «سيمفوني ستايل» بمنطقة السالمية.
وشهد الملتقى حضور حشد من الأدباء والمفكرين العرب، تتقدمهم الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة عائشة المحمود، إلى جانب مؤسس ورئيس الملتقى الثقافي الأديب طالب الرفاعي، الذي أدار الجلسة الافتتاحية «السرد والهوية» بامتياز، مستضيفاً الشخصية المحتفى بها في حوار ثري، بعدما ألقت الكاتبة والإعلامية ريم الهاجري، الكلمة الافتتاحية للملتقى.
«مفاجأة الملتقى»
في البداية، رحب الرفاعي بضيفه، مبيناً أنه باحث ومفكر مغربي متخصص في السيميائيات، كما له العديد من المؤلفات والترجمات لعشرات الفلاسفة والأدباء في أنحاء العالم.
بدوره، عبّر بنكراد، عن سعادته بالتكريم، موضحاً أن القائمين على الملتقى تواصلوا معه لتقديم محاضرة حول السرد والهوية، «ثم فوجئت لاحقاً عند تسلمي برنامج الفعالية بأنني شخصية الملتقى المكرمة، فشكري العميق للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على هذه المفاجأة التي أفرحتني كثيراً».
وحول محاضرته «السرد والهوية»، تناول بنكراد، الدور الذي يلعبه السرد في بناء الهوية وتشكلها، وفي إغمائها أيضاً، موضحاً أنه يدوّن الفكرة المركزية كاملة، لكي نتداول في شأننا أو من خلال الذاكرة ما يأتينا من هذه المحكيات.
وأشار إلى أنه «رغم وجود مئات الرحلات اليومية بين المغرب وفرنسا أو إسبانيا وغيرها من الدول الأفريقية والأوروبية، غير أنه لا توجد رحلات مباشرة كثيرة إلى الكويت، ومع ذلك، ما يربطنا بالكويت أقوى بكثير مما يربطنا بتلك البلدان، ومعنى ذلك نشترك في لغة، وأيضاً نشترك في مجموعة من المحكيات هي التي تشكل هويتنا.
«ذاكرة عين»
بعدها، قدم المصور البحريني عيسى إبراهيم محاضرة بعنوان «السرد في الصورة الفوتوغرافية: ذاكرة عين»، إذ تناول فيها قدرة الصورة على رواية الحكاية من دون الحاجة إلى كلمات، مبيناً أن الصورة الواحدة قد تكون كافية أحياناً للتعبير عن فكرة أو حالة إنسانية، بينما تحتاج في أحيان أخرى إلى مجموعة من الصور المتتابعة لتكوين سرد بصري متكامل. ولفت إبراهيم، إلى أن المتلقي قد لا يتمكن دائماً من فهم الصورة المفردة بمعزل عن سياقها، لكن من خلال تسلسل الصور يمكن أن تتضح الفكرة العامة، وهو ما يعرف بـ «السرد الصحافي».
تجدر الإشارة إلى أن كتاب «ذاكرة عين» يوثق حصاد رحلات المصور عيسى إبراهيم الفوتوغرافية على مدى 17 عاماً، موثقاً مشاهداته في مجموعة من الدول، بالإضافة إلى حياة الناس وأنشطتهم اليومية وملامحهم الإنسانية.
«السرد اللفظي والبصري»
كما شهد الملتقى جلسة حوارية بعنوان «تكامل السرد اللفظي والبصري في أدب الطفل»، شارك فيها كل من الدكتورة وفاء المزغني، وأماني يوسف، والفنانة البصرية المعاصرة والمخرجة الإبداعية بيان ياسين، فيما أدار الحوار أحمد الراشدي.
وعلى هامش الجلسة، عرّفت المزغني بنفسها بوصفها أكاديمية وكاتبة في أدب الطفل ومدربة في مجال الكتابة الإبداعية وتحدثت عن أهمية السرد اللفظي واللغوي في أدب الطفل، مؤكدة ضرورة تحقيق التكامل بين النص والصورة بما يسهم في إثراء المعنى وتعميق التجربة القرائية لدى الصغار.
كما شددت على أهمية مراعاة الفروق بين الفئات العمرية المختلفة، مع الإشارة إلى الطرق الحديثة في السرد، وأيضاً أهمية احترام عقلية الطفل المعاصر.
من جانبها، قالت ياسين إنها متخصصة في رسم قصص الأطفال، لافتة إلى أنها شاركت في الملتقى للحديث عن الآلية التي تعتمدها في تحويل النصوص إلى صور بصرية لكي يتلقفها الطفل. وأوضحت ياسين أن الصورة تُعد عنصراً أساسياً ومكملاً للنص في قصص الأطفال، مشيرة إلى أن الرسوم ليست مجرد مرافقة للنص، بل تحمل في طياتها رسائل ومشاعر تساهم في بناء التجربة الجمالية والوجدانية لدى الطفل.
«قضايا جوهرية»
لم يَفُت الملتقى أن يناقش قضايا جوهرية في المشهد السردي العربي، من أبرزها أسئلة حول الرواية العربية، وتحديات القصة القصيرة، وقضايا السرد المهمش، إلى جانب مناقشة العلاقة بين الأدب والتاريخ من منظور سردي، وغيرها.
«دعوة للتأمل»
يعتبر «ملتقى السرد» دعوة للتأمل، للنقاش، ولإعادة اكتشاف الحكاية بوصفها قراءة للإنسان والواقع والخيال.
وجاء تنظيم الملتقى ضمن إطار احتفالية «الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي لعام 2025»، إذ يستمر لثلاثة أيام، متضمناً سلسلة من البرامج والأنشطة الثقافية والفكرية.