في ظل استمرار أمراض القلب والأوعية الدموية في التصدُّر كأحد أكثر الأمراض فتكاً بالبشر حول العالم، قدَّمَ طبيب قلب مُتخصِّص أربع إستراتيجيات طبيعية بسيطة لكنها فعَّالةً للغاية، وهي الإستراتيجيات التي قد تُغني عن الحاجة إلى الأدوية أو التدخُّلات الجراحية في حماية صحة القلب.
وفي السياق، شارك الدكتور سانجاي بهوجراج، أخصائي أمراض القلب الوظيفية صاحب الخبرة التي تمتد لِأكثر من عقدين، إستراتيجيات عمليةً عبر منصة «إنستغرام» لحماية صحة القلب والشرايين بشكل طبيعي. وأكد بهوجراج، أن «الشرايين لا تستجيب لِلحُلول السطحية أو الإصلاحات السريعة، بل تعكس العادات التي نُمارِسها يوماً بعد يوم». وحدّد أربع مُمارسات أساسية لنمط الحياة تُعزِّز بشكل كبير من قُوَّة الشرايين ومُرونتها ومَتانتها:
1 - التدريب على القُوَّة والمُقاومة بانتظام:
ليس فقط لِلرياضيين أو لِبناء العضلات، بل إن تمارين المُقاومة تُساعد في بناء كُتلة عضلية صحية، وهو الأمر الذي يُؤدِّي بدوره إلى استقرار مُستويات السُكَّر في الدم وخفض ضغط الدم. فالعضلات تعمل كـ«مخزن طبيعي للغلوكوز»، وهو الأمر الذي يُقلِّل الضغط على القلب والأوعية الدموية.
ويُوصي الخبراء بِمُمارسة تمارين المُقاومة مرتين إلى 3 مرات أُسبوعياً، باستخدام الأوزان أو أشرطة المُقاومة أو حتى وزن الجسم.
2 - إدماج أحماض أوميغا 3 الدهنية في النِّظام الغذائي:
تلعب الأطعمة الغنية بأوميغا 3 دوراً محورياً في صحة القلب، فهذه الأحماض الدهنية الأساسية، الموجودة في الجوز وبذور الشيا وبذور الكتان والأسماك الزيتية مثل السلمون والماكريل والسردين، وتعمل على خفض الالتهاب ومنع تراكم الترسبات الدهنية في جُدران الأوعية الدموية، وتُحسِّن نِسب الكوليسترول الجيد إلى السيئ.
كما تُساعد في تنظيم ضربات القلب وتقليل خطر تكوُّن الجلطات الدموية.
3 - المُحافظة على أنماط نَوم مُنتظمة ومُتَّسِقة:
النوم ليس مُجرَّد راحة للجسد، بل هو عملية إصلاح حيوية. يُساعد جدول النوم المُستقر والمُنتظم في خفض مُستويات هورمون التوتُّر «الكورتيزول»، ويحمي البطانة الحساسة لِلشرايين (البطانة الداخلية لِلأوعية الدموية) من التلف. والنوم الجيد يدعم وظيفة القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل، ويُقلِّل من خطر ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية. يُوصى بالنوم من 7 إلى 9 ساعات يومياً، والذهاب إلى الفِراش والاستيقاظ في الأوقات نفسها تقريباً كُلَّ يوم.
4 - الإدارة المُتعمَّدة والواعية للتوتُّر:
التوتُّر المُزمن قاتل صامت لِلقلب. لكن المُمارسات البسيطة مثل التنفُّس العميق الواعي، والتأمُّل اليومي ولو لدقائق معدودة، وحتَّى المشي اليومي في الطبيعة أو الحديقة، كُلُّها تُساعد في تنظيم الجهاز العصبي اللاإرادي. وهذا بدوره يدعم بشكل غير مُباشر صحة نظام الأوعية الدموية بأكمله، ويُقلِّل من إفراز هورمونات التوتُّر الضارَّة التي تُضيِّق الشرايين وترفع ضغط الدم.
وعلَّق الدكتور بهوجراج قائلاً: «قد لا تبدو هذه التدابير مُثيرةً أو عصريةً أو ثوريَّةً، ولكن عند تطبيقها باستمرار ومُثابرة، فإنها تُشكِّل مُقاربة موثوقة وفعَّالة لحماية صحة القلب وتقليل المخاطر المُستقبلية بشكل كبير».
وأضاف «نحن نعيش في عصر يبحث فيه الجميع عن الحُلول السريعة والحُبوب السحرية، لكن الحقيقة هي أن أفضل دواء لِقلبك هو أسلوب حياتك اليومي».
ويرى بهوجراج، أنه من شأن هذه العادات الأربع البسيطة - عندما تُصبح جُزءاً من الروتين اليومي - أن تبني حصناً قوياً حول القلب والشرايين.
ويُقدِّم هذا النهج القائم على نمط الحياة الثابت والمدروس كإستراتيجية حقيقية ومُثبَتة علمياً لتعزيز القلب وضمان المُرونة والصحَّة لسنوات وعُقود قادمة، خصوصاً في وقت تتزايد فيه مُعدَّلات الإصابة بأمراض القلب عالمياً، لاسيما في البلدان النامية.
والرسالة الأهم: البدء اليوم، وليس غداً. فَكُلُّ يوم تُمَارِس فيه هذه العادات هو استثمار في صحة قلبك ومُستقبلك.
وكانت دراسة نُشرت في مجلة «لانسيت» الطبية المرموقة قد كشفت عن أن أمراض القلب والأوعية الدموية لا تزال السبب الأول للوفاة والإعاقة في الهند، حيث تُساهم بنسبة 26.6 في المئة من جميع الوفيات المُسجَّلة. كما تُشير الأرقام إلى أن الهنود يُواجهون خَطَراً أعلى من غيرهم، وأن المرض يضرب في أعمار أصغر، مع مُعدَّلات وفيات مُرتفعة بشكل مُثير للقلق.