في إطار النهج التشاركي الذي تتبناه وزارة الإعلام لإعداد إستراتيجيتها للأعوام (2026- 2030) وحرصاً من الوزارة على تعزيز الشراكة مع صُنّاع الفن والدراما من خلال إبداء رأيهم في إعداد رؤية مستقبلية لمسيرة النهج الإعلامي الوطني، أقيمت مساء الثلاثاء، حلقة نقاشية في مقر مركز التواصل الحكومي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بمنطقة الشعب.
وجاءت الحلقة بعنوان «الدراما والفن: صناعة المعنى الوطني كقوة ناعمة»، إذ طُرحت على محورين أولاهما «الفن كفعل يخدم القيم» وثانيهما «الشراكة ودعم الصناعات الإبداعية».
وشهدت الحلقة التي قدمها الإعلامي فهد التركي والإعلامية حنان الخضري، حضورا حشدا من نجوم الدراما والمسرح في الكويت، بينهم جاسم النبهان وعبدالرحمن العقل وجمال الردهان، بالإضافة إلى علي جمعة وخالد أمين وأحلام حسن ومحمد الحملي وشهاب حاجية ومنى شداد وزهرة الخرجي وبشار الشطي ورمضان خسروه ومحمد الكندري وعبدالرحمن الديّن وسعود بوعبيد، وغيرهم، فضلاً عن حضور عدد من مسؤولي «الإعلام»، ومنهم مدير إدارة البرامج والمحطات في إذاعة الكويت الدكتور يوسف السريع.
«دلالات الهوية»
في المحور الأول «الفن كفعل يخدم القيم»، تم عرض فيديو لعدد من الأعمال التلفزيونية الخالدة، منها «درب الزلق» و«مدينة الرياح» وغيرهما، ثم طرح عريفا الحلقة النقاشية التساؤلات على الحضور عن دلالات الهوية الوطنية في تلك الأعمال، ودور الفنانين والكتّاب وشركات الإنتاج لتعزيزها في نفوس الأطفال والناشئة والشباب.
وفي تعليقه على تلك التساؤلات، قال الفنان القدير جاسم النبهان إن هويتنا الوطنية الكويتية جزء من الهوية الخليجية والعربية، و«نحن لا نبتعد عن هذا الواقع لأننا جزء من المجتمع العربي».
وأضاف «قد تبرز هويتنا الثقافية في لهجتنا وفي ثيابنا، وفي تراثنا البحري والبري، ولكننا في الوقت نفسه نشارك المجتمع العربي همومه وقضاياه».
ولفت إلى أنه في الستينات من القرن الماضي كان هناك دعم غير عادي للفنون والثقافة والآداب، «إذ كان الفنان يجد الرعاية من وزارة الشؤون وقتذاك، والتي كانت تتيح الفرص للفرق الأهلية الأربع، وتحاسبها أيضاً إن قصّرت، وهذا ما جعل المسرح الكويتي في مصاف المسارح العربية، بل ويتعداها في بعض المراحل».
من جهته، استعرض الفنان جمال الردهان سنوات عمله كأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية، مؤكداً حرصه على تعليم طلابه اللغة العربية الفصحى واللهجة الكويتية أسوة بما تعلموه من لغات أجنبية.
وألمح الردهان إلى أنه لكي نحافظ على المفردة الكويتية والهوية الوطنية في أعمالنا، لابد وأن يكون المشرف العام لأي عمل «قلبه على التراث»، متمنياً دعم المنتجين الكويتيين، «حيث أصبح هناك منتجون (غير كويتيين) يقدمون الأعمال الكويتية، من دون مراعاة الهوية الوطنية أو المفردة الكويتية في ما يقدمونه».
«تأجير القاعات»
أما الفنان شهاب حاجية، فقال: «من كان ينتج الأعمال في السابق هي وزارة الإعلام، وبما أن الوزارة تطالب بعودة تلك الأعمال إلى سابق عهدها وألقها، فعليها أن تدعم الفن، وتوفر المسارح والاستوديوهات. نحن اليوم مضطرون لتأجير القاعات من أجل تقديم مسرحية، فلا تبخلوا على الفن الكويتي».
بدوره، تحدث الفنان خالد أمين، قائلاً: «لا يوجد فنان لم يقدم شيئاً لوطنه»، وتساءل «ما المشاريع التي يمكننا فعلها حتى نزرع الهوية الوطنية في نفوس الشباب؟». وأجاب عن سؤاله: «ادعموا المنتج الكويتي وسوف ينتج لكم أعمالاً مهمة، كما يفعل إخواننا في الدول المجاورة. في الواقع نحن نرى المنتج الكبير في الكويت (يتحلطم) والمنتج الشاب (يتحطّم)».
وتناولت الفنانة الدكتورة أحلام حسن، طرف النقاش، قائلة: «هناك جيل من الشباب يكسرون الصخر من أجل أن يقدموا أعمالاً ذات قيمة، مشيرة إلى أنهم يحتاجون إلى الدعم والاهتمام، ولابد من عودة الثقة بين المسؤول والفنان».
وكان للفنان علي جمعة رأي آخر، إذ أكد على أن الحل بيد الفنان نفسه، فهو المسؤول عن الظهور بالعمل الإيجابي أو السلبي، وبإمكانه قراءة النص قبل الموافقة عليه، مشيراً إلى أن هناك كماً من المنتجين غير الكويتيين قدموا أعمالاً مهمة للمجتمع الكويتي.
في السياق ذاته، تحدث الفنان محمد الحملي عن إنجاز أعمال وصرف مبالغ عليها ثم إلغائها، مطالباً بآلية عمل واضحة.
«المحور الثاني»
وفي المحور الثاني «الشراكة ودعم الصناعات الإبداعية»، تواصلت المناقشات بين فريق إستراتيجية وزارة الإعلام والفنانين والمنتجين والكتّاب.
إذ طالب الكاتب محمد الكندري بأن يكون هناك دعم واحتواء من قبل وزارة الإعلام لتقديم مثل هذه الأعمال، لناحية السرعة في إجازة النصوص وإيجاد مدينة إعلامية توجد بها المواقع التصويرية اللازمة، عوضاً عن صرف الجهة المنتجة مبالغ باهظة لإيجاد المواقع و«اللوكيشنات» التي تخدم العمل الدرامي.
وعن أبرز العقبات التي تواجه الإنتاج الفني في الكويت، قال المنتج عبدالرحمن الديّن إن هناك العديد من العقبات، أولاها التأخير في إجازة النصوص و«عندما نحصل على الإجازة نواجه الصعوبة في تصوير أعمالنا في الأماكن الخارجية على الرغم من وجود رخصة بذلك، إذ يصعب علينا التصوير في المعالم السياحية للبلد، ولذلك مطلوب من وزارة الإعلام أن تساعدنا بهذا الأمر، من خلال أجهزتها حتى نُظهر معالمنا السياحية بأريحية كما تفعل الدول الخليجية مع صناع الدراما عندما يقررون تصوير أعمالهم على أراضيها».
«المنتج المنفذ»
شدد الفنان جاسم النبهان على عودة المنتج المنفذ لأنه الحل الأمثل لهذه للشراكة بين وزارة الإعلام والقطاع الخاص، مع فتح مساحات حرية لصنّاع الدراما في تقديم أعمالهم، «خصوصاً وأنهم يمتلكون رقابة ذاتية في القضايا التي تطرح في الأعمال الدرامية والتي تخدم تعزيز الهوية الوطنية».
«مكانة الفنان»
طالبت الفنانة منى شداد وزارة الإعلام بتعزيز مكانة الفنان الكويتي داخلياً وخارجياً، فيما دعت الفنانة زهرة الخرجي الوزارة لتقديم الدعم الكبير للفنان الكويتي والمنتج الكويتي لتقديم أعمال درامية تعزز الهوية الوطنية وأن يكون لهما احتواء بتسهيل الإجراءات في إنتاج أعمالهم من دون صعوبات.
«توفير الأجواء»
أشار الفنان خالد أمين إلى أن وزارة الإعلام مطالبة بتوفير الأجواء المناسبة لتصوير الأعمال، حالها حال الدول الأخرى التي توفر ذلك لصنّاع العمل الدرامي، و«نحن أيدينا بيد وزارة الإعلام لتطوير الحركة الثقافية والفنية، وعليها إيجاد الأرضية المناسبة لتقديم أعمال تحترم العادات والتقاليد وتعزز الهوية الوطنية».