تحاكي النشاط الكهربائي لـ «البشرية» والتواصل المباشر معها

ابتكار أول خلايا عصبية اصطناعية

5 أكتوبر 2025 10:00 م

في خطوة علمية غير مسبوقة قد تمهد لعصر جديد في تفاعل التكنولوجيا مع البيولوجيا، أعلن فريق من المهندسين في جامعة «ماساتشوستس أمهيرست» الأميركية عن ابتكار خلايا عصبية اصطناعية قادرة على محاكاة النشاط الكهربائي للخلايا العصبية البشرية والتواصل المباشر معها.

ويُعد هذا الإنجاز، المنشور في مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» المتخصصة، تطوراً نوعياً في مسار تطوير الحوسبة الحيوية المستوحاة من الدماغ.

وقال الباحث شواي فو، وهو طالب دراسات عليا في قسم الهندسة الكهربائية والكمبيوتر وكاتب رئيسي للدراسة، إن «الدماغ البشري يعالج كميات هائلة من البيانات بطاقة ضئيلة للغاية، مقارنة بما تستهلكه النماذج الحاسوبية الضخمة مثل «تشات جي بي تي».

وأضاف أن «الخلية العصبية الاصطناعية الجديدة التي طورها الفريق تحاكي هذه الكفاءة البيولوجية، وتعمل بجهد كهربائي منخفض للغاية، ما يجعلها قابلة للتفاعل الآمن مع الخلايا العصبية الحية».

وأوضح جون ياو، الأستاذ المشارك في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب بالجامعة، أن «الخلايا العصبية الاصطناعية السابقة كانت تستهلك عشرة أضعاف الجهد وقرابة مئة ضعف الطاقة التي تحتاجها الخلايا العصبية البيولوجية، وهو ما جعلها غير مناسبة للتفاعل مع الأنسجة الحية. أما النموذج الجديد، فيعمل عند جهد يبلغ نحو 0.1 فولت فقط، وهو الجهد نفسه تقريباً الذي تعمل به الخلايا العصبية داخل أجسامنا».

وأشار الباحثون إلى أن «هذا التقدّم يفتح الباب أمام ابتكارات رائدة في مجالات الطب والهندسة الحيوية، منها تطوير حواسيب تحاكي آلية التفكير البشري، وأنظمة استشعار طبية يمكنها التواصل مباشرة مع أنسجة الجسم من دون الحاجة إلى تكبير الإشارات أو تحويلها».

وقال ياو: «لقد نجحنا في تخطي العقبة التاريخية المتعلقة بتضخيم الإشارات الكهربائية بين الأنسجة البيولوجية والأجهزة الاصطناعية. خلايانا الجديدة يمكنها تحليل الإشارات العصبية كما هي، من دون الحاجة إلى طبقات وسيطة تستهلك طاقة إضافية».

ويعود السر وراء هذا الابتكار إلى مادة فريدة استخدمها الفريق تُعرف باسم «الأسلاك النانوية البروتينية»، وهي مكونات متناهية الصغر تُنتجها بكتيريا تدعى «جيوباكتر سولفورريدوسنز» المعروفة بقدرتها على توليد الكهرباء. واستعان الباحثون بهذه المادة في بناء شبكة إلكترونية عضوية قادرة على محاكاة التوصيل العصبي الطبيعي.

يُذكر أن الفريق ذاته سبق له استخدام هذه البكتيريا لتطوير أجهزة أخرى، مثل «أنف إلكتروني» للكشف عن الأمراض، وأجهزة تعمل بطاقة العرق البشري.

ويرى الخبراء أن هذا الإنجاز يمثل خطوة محورية نحو الحوسبة العصبية البيولوجية التي تجمع بين فعالية الأنظمة الحاسوبية ودقة الأنظمة العصبية البشرية، بما قد يؤدي مستقبلاً إلى تطوير واجهات دماغية متقدمة وأطراف صناعية ذكية تتفاعل مباشرة مع الجهاز العصبي البشري.