أما بعد...

ملامح النهضة الجديدة

4 أكتوبر 2025 10:00 م

الكويت، الدولة الصغيرة بمساحتها والكبيرة بتاريخها وإرثها السياسي والإنساني، تعيش اليوم مرحلة فارقة من تاريخها، حيث تتجه نحو مرحلة جديدة من التطور والازدهار تعكس رؤية واضحة لبناء دولة عصرية حديثة، تواكب المتغيرات الإقليمية والدولية وتستجيب لطموحات أبنائها.

فخلال السنوات الماضية، أولت الكويت اهتماماً خاصاً بتطوير بنيتها التحتية، باعتبارها العمود الفقري لأي مشروع تنموي. فقد شهدت البلاد إطلاق مشاريع كبرى في الطرق والجسور والأنفاق، إلى جانب التوسع في إنشاء المدن السكنية الجديدة، بما يلبي احتياجات النمو السكاني ويعالج مشكلة الإسكان التي طالما شغلت المجتمع الكويتي.

كما برزت مشروعات تنموية في مجالات الطاقة والموانئ والمطارات، وهو ما يعكس رؤية إستراتيجية تهدف إلى تعزيز موقع الكويت كمركز تجاري ولوجستي في المنطقة.

لم يعد النفط وحده هو محور التفكير الاقتصادي في الكويت. فهناك توجه جاد نحو تنويع مصادر الدخل الوطني، عبر تشجيع الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي، والطاقة المتجددة، والسياحة. وتعمل الدولة على تمكين القطاع الخاص ليكون شريكاً رئيسياً في مسيرة التنمية، إلى جانب دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يقودها الشباب الكويتي، لتتحول إلى رافد مهم في الاقتصاد الوطني.

كما تولي الكويت اهتماماً استثنائياً بالشباب، إدراكاً منها أنهم الثروة الحقيقية للوطن. فهناك برامج لدعم ريادة الأعمال، ومبادرات تحتضن الأفكار الإبداعية، ومساحات متزايدة للإبداع العلمي والثقافي.

وفي هذا السياق، تأتي جهود الحكومة في تحسين جودة التعليم وتطوير المناهج وربطها باحتياجات سوق العمل، بما يضمن تخريج جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل والمشاركة الفاعلة في بناء الدولة الحديثة.

وعلى الصعيد السياسي، تواصل الكويت نهجها القائم على الدبلوماسية المتوازنة، ودورها الإنساني المعروف عالمياً، حيث تُعرف بأنها «مركزالعمل الإنساني».

هذا الدور عزّز مكانتها كوسيط نزيه في قضايا المنطقة، وكرّس صورتها كواحة استقرار وسلام.

إنّ هذا التوازن السياسي والدبلوماسي ينعكس بشكل مباشر على التنمية الداخلية، إذ يوفر بيئة مستقرة تشجع على الاستثمار، وتمنح الاقتصاد الوطني أرضية صلبة للنمو والازدهار.

تسعى الكويت من خلال خططها الإستراتيجية إلى التحول إلى مركز مالي وتجاري إقليمي، مع التركيز على الاقتصاد المعرفي، والتحول الرقمي، والاستفادة من التطورات التكنولوجية العالمية.

كما تعمل الدولة على تعزيز الشفافية وتطوير الأنظمة الإدارية، بما يرفع من كفاءة مؤسساتها ويعزز ثقة المواطن والمستثمر على حد سواء. إن جميع المؤشرات الحالية تؤكد أن الكويت مقبلة على نهضة شاملة، قوامها التخطيط السليم، والاستثمار في الإنسان، والانفتاح على العالم.

فالمشاريع القائمة اليوم ما هي إلا اللبنة الأولى لمرحلة أكبر من الإنجاز، تتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

وإذا استمرت هذه الرؤية بالزخم نفسه، فإن السنوات المقبلة ستشهد تحولات عميقة في المشهد الكويتي، لتصبح البلاد نموذجاً للدولة العصرية المزدهرة، التي توازن بين الأصالة والمعاصرة، وتضع المواطن في قلب التنمية.