اختراق فيزيائي «كمومي» غير مسبوق

نجاح أول محاكاة مُختبرية لـ«ثقب أسود»!

2 أكتوبر 2025 10:00 م

في إنجاز مذهل على صعيد الفيزياء الكمومية، نجح فريق من الفيزيائيين متعددي الجنسيات في محاكاة ظروف «الثقب الأسود» داخل بيئة مخبرية، وتمكنوا من رصد ظاهرة لم يكن يُعتقد في السابق بإمكانية ملاحظتها إلا نظرياً.

ووفقاً للدراسة التي نشرت في العدد الحالي من مجلة «Physical Review Research»، أُجريت المحاكاة عبر إنشاء سلسلة من ذرات الكمومية في مختبر بحيث تعمل على تقليد أفق الحدث، وهي النقطة التي لا يمكن للضوء بعدها الهروب من جاذبية الثقب الأسود. وكانت المفاجأة أن هذه المحاكاة أظهرت توهجاً خافتاً، وهو ما يطابق النبوءة النظرية للفيزيائي ستيفن هوكينغ المعروفة بـ«إشعاع هوكينغ».

ويعد هذا التوهج دليلاً عملياً قوياً على أن الثقوب السوداء ليست «سجوناً» كونية مطلقة، كما أنه يشير إلى أنها تبعث جسيمات وإشعاعاً على الرغم من قوة جاذبيتها الهائلة، وهو الأمر الذي يتسبب في «تبخرها» ببطء مع مرور مليارات السنين.

وأوضح الباحثون أن هذه المحاكاة الكمومية لا تخلق ثقباً أسود حقيقياً، بل نظاماً صوتياً أو «ثقباً صوتياً» يقلد سلوك الجاذبية على أفق الحدث، وبما أن هذه التجربة تهدف إلى فهم كيفية تفاعل ميكانيكا الكمومية مع الجاذبية، فإنها تفتح الباب على مصراعيه أمام نظريات جديدة.

ويكتسب هذا الإنجاز أهمية كبرى؛ نظراً إلى أنه يوفّر نافذة فريدة لدراسة الطبيعة المجهرية للثقوب السوداء، والتي يصعب مراقبتها مباشرة في الكون. كما تشير النتائج إلى أن «إشعاع هوكينغ» هو ظاهرة كونية حقيقية، وهو الأمر الذي يوفر ربطاً تجريبياً حاسماً بين نظرية النسبية العامة لأينشتاين وميكانيكا الكم، وهذا من شأنه أن يساهم في إيجاد «نظرية كل شيء» الموحدة التي يحاول الفيزيائيون بناؤها منذ عقود، وتفسير الظواهر الكونية على نطاقي الكبر والصغر.

ويرى العلماء أن هذه التجارب المختبرية تمثل بداية لفصل جديد في فهمنا لأكثر الأجسام الكونية غموضاً، مشددين على أن القدرة على محاكاة هذه الظروف على الأرض ستسمح بإجراء اختبارات دقيقة للنظريات الفيزيائية التي كانت في السابق مجرد معادلات رياضية.

كما يدعو الفيزيائيون إلى استغلال مثل هذه التطورات الاختراقية في علم الكمومية لإجراء المزيد من التجارب المشابهة. وبما أن ذلك سيكشف عن المزيد من الأسرار الكونية، فإن ذلك سيعزز من قدرة البشرية على فك رموز وشفرات الكون السرية.