تحدى علماء نموذج «ChatGPT» أن يحل مسألة رياضية معقدة جداً تعود إلى أكثر من ألفي عام وتنسب إلى العالم اليوناني إقليدس، والتي صاغها بناء على المنطق الفلسفي لأسلافه سقراط وأفلاطون وأرسطو، فكانت المفاجأة أن إجابة النموذج لم تكن صحيحة فقط، بل كانت مبتكرة وتفصِّل طرقاً عدة لحل تلك المسألة بأساليب لم تكن متوقّعة أو مُبرمَجةً من جانب الباحثين والمبرمجين، وهذا يثير تساؤلات حول حدود الإبداع الاصطناعي.
هذا التحدي فرضه علماء ورياضيون أرادوا اختبار قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على الاستدلال والاستنباط الرياضي المجرد والتفكير المنطقي، وأدت هذه النتيجة إلى إثارة دهشة المجتمع العلمي والأكاديمي حول مدى قدرات الذكاء الاصطناعي على تجاوز التعلُّم القائم على البيانات، والوصول إلى الاستنتاج الإبداعي الذي يتطلَّب فهماً عميقاً.
ووفقاً للعلماء، أظهر تطبيق «ChatGPT» قدرة واضحة على «الاستدلال غير الخطي»، وهذا يعني أنه تجاوز مجرد تطبيق الخوارزميات الموجودة لديه كبرمجة وبدأ يولِّد حلولاً جديدةً ومفهومةً مُستخدماً لغة رياضية دقيقة، وهو الأمر الذي يشير إلى أن النموذج قادر على التفكير الرياضي المجرد وحل المشكلات المعقدة بطرق لم يكن من المتوقَّع أن تتمكن منها الآلة الذكية بشكل تقليدي، وهذا يؤكد تطورها المتسارع.
ومن شأن هذا الاكتشاف أن يؤدي إلى تشجيع الباحثين على استخدام الذكاء الاصطناعي لاستكشاف الفرضيات الرياضية المعقدة التي طالما ظلَّت عالقةً لقرون بلا حلول.
وإذ أُجريت هذه التجربة في مختبرات جامعية أوروبية ونُشرت نتائجها حديثاً في عدد من الدوريات البحثية المتخصصة، فإن نتيجتها تمهِّد الطريق لـ «ثورة رياضية» مدعومة بالذكاء الاصطناعي على صعيد حل المسائل التي يصعب على العقل البشري فك شفراتها.