ما في خاطري

إلى عزيزي «الطيّب»

2 أكتوبر 2025 10:00 م

يتحدث أحد فلاسفة «السوشال ميديا» في أحد برامج التواصل الاجتماعي عن العلامات الواضحة للشخص «الضعيف الشخصية»، فيستهل حديثه عن أول هذه العلامات وهو الضحك والابتسامة من دون سبب، وعدَد علامات أخرى مثل تجنب النقاش وعدم المجادلة والخجل وغيرها من العلامات التي يرى فيها هذا «الفيلسوف» أنها من علامات ضعف الشخصية، وظهر في الفيديو وهو يحذر الناس بأن يتصفوا بهذه الصفات وبألا يظهروا بهذه العلامات للآخرين كي لا يحكم عليهم الآخرون بأنهم «ضعاف شخصية».

استوقفني هذا الفيديو وأشعل في داخلي التساؤل حول المعتقدات الخاطئة التي ملأت عقول بعض البشر، الذين يرون الشخص «البشوش» كثير الابتسامة والخجول بأنه شخص «ضعيف شخصية»، وللأسف هذه القناعة يحملها الكثير في عقله معتقداً بأن الصرامة في التعامل واستخدام الوجه العابس والذي يطلق عليها بالإنكليزية «بوكر فيس»، والجرأة الزائدة وعدم الخجل هم «قويّو الشخصية» وهذا مفهوم خاطئ ومشوَّه.

قوة الشخصية لا تقاس بهذه الأمور، فقوة الشخصية تعني أن الإنسان يتخذ قراراته بنفسه ولا يحتاج أحداً أن يقوده، وتعني كذلك عدم تأثره بالآراء والأفكار التي يراها خاطئة فلا يطبقها في حياته أو في المنصب الذي يتبوأه فيكون شخصاً ثابتاً على مبادئه، وهذا لا يعارض البشاشة في الوجه والابتسامة التي تعكس صفه «اللّين» التي وصّى بها رسولنا الكريم،صلى الله عليه وسلم، حين قال «ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟ كل قريب هيّن ليّن سهل»، ولا يعارض الخجل الذي يتصف به البعض، ولا يعارض الشخص الحصيف الذي يتجاهل بعض «الجهلاء» ولا يجادلهم.

ناجحون كثيرون كانوا هيّنين ليّنين كما أوصى رسولنا الكريم، فحققوا إنجازات عظيمة وتأثر بهم إيجابياً كل من كانوا يعملون معهم، وكانوا يتخذون القرارات السليمة ولا يسمحون لأحد بأن يُملي عليهم ما يقومون به، فكانوا يتميزون بالابتسامة الدائمة والبشاشة، وكان الآخرون يشعرون بالراحة في التعامل معهم.

فإلى عزيزي «الطيّب» لا يخدعك البعض ممن يعتقد بأن «عبوس الوجه» و«المجادلة والصرامة التي تكون في غير محلها» دليل على قوة الشخصية وجديتها، فهذا اعتقاد خاطئ، ومن يعتقد بأن الشخص «الطيب الهيّن الليّن» ضعيف شخصية فهو مخطئ، فالتعامل المتزن مع الآخرين وحسن الخلق لا يتعارضان مع النجاح والتميز، بل يعكسان شخصية الانسان الواعي الساعي لتطوير ذاته وإبرازها.