من الخميس إلى الخميس

عربية طارئة

1 أكتوبر 2025 10:00 م

حضرات القادة العرب، الأبجدية العربية تخاطبكم اليوم بلهجة جدية: نحن نُحاصر! نعم، نحن الحروف التي أسست حضارات، أصبحت حروفاً ضائعة بين اللافتات الإنكليزية في كل شارع، محل، ومعرض صغير يبيع حتى علب العصير!

تخيّلوا أن الأبجدية العربية كانت تفكر ذات يوم في التقاعد بهدوء، لكنها قرّرت البقاء لإنقاذ الكرامة، لقد أرسلنا رسائل عاجلة، تنبيهاً عاجلاً، واستغاثات لكل وزارة تعليم وثقافة، لكن يبدو أن الجميع مشغول بمؤتمرات الطاقة والتكنولوجيا، ولا وقت لإنقاذ الحروف.

المضحك، أن بعض أصحاب المحلات يكتبون اسم الشركة بالإنكليزية بحروف كبيرة، ويضعون العربية صغيرة الحجم في زاوية اللوحة، كأن العربية ضيفة شرف في بلدها! هل نحتاج فعلاً إلى قمة عربية عاجلة، مع جدول أعمال مخصّص فقط لحماية الأبجدية؟ نعم، ونعم كبيرة، وربما يجب علينا التفكير في قوة عربية عاجلة، تدخل المتاجر، وتفرض «لا لوحة من دون أن تكون الحروف العربية الأكبر والأجمل».

يا حراس أمتنا، كيف تكون لكم أمة، وهناك من ينخر فيها من الداخل؟ نجحوا في جعل عقول الجماهير تربط بين الرُقيّ والحضارة والجمال وبين الحروف الدخيلة... أقنعوا المُستهلك بأن لا قيمة لبضاعة لا تحمل اللاصقة الأجنبية، والناس اليوم يتبعون الهجمات الإعلامية ويتأثرون بها... معظم الأفلام العربية، لا يصبح النجم فيها راقياً إلا إذا أدخل الكلمات الأجنبية في حواره، كما أن اللقاءات التلفزيونية تستضيف أُناساً لا يُحسنون لغة المستمعين، لا يهم أن يفهم أحد، المهم أن تزرع في العقول احتقار لغة العرب.

بعيداً عن أن الحرب على العربية هدفها البعيد إبعاد أمتنا عن قراءة كتاب الله (القرآن)، حيث يرد الكثيرون على هذه الحجة بقولهم إن الدين يحفظه الله، بعيداً عن هذا، كيف لأمة أن تبقى حيّة من دون لغتها؟

نُطالب الأمين العام لجامعة الدول العربية أن يقترح اجتماعاً للقادة...

إنّ القادة إذا اجتمعوا واعترفوا بالخطر الذي نراه نحن أمام أعيننا، خطر اندثار لغتنا الذي يزداد كل يوم حتى أصبحنا اليوم في بلادنا يُفرض عليك التحدث بالإنكليزية في المحلات والمطاعم، وإذا أردت أن تتعذب، فما عليك إلا أن تتكلم بالعربية، إذا اجتمع قادتنا واعترفوا بهذا الخطر ووضعوا خطة للتصدي لهذه الحرب علينا، فإنهم سيحقّقون إنجازاً عظيماً لأمتنا... إنجاز سيكون له أثر في حفظ ثقافة الأمة وكرامتها وعلمها وتقدمها، بدل أن نصبح نسخة باهتة لا قيمة لها لحضارات أخرى.

إذا لم نتحرك سريعاً، سيأتي اليوم الذي ستنطق فيه الأبجدية الإنكليزية كل شيء، من أسماء الشوارع إلى لافتات الحمام، وسنظل نحن العرب نبحث عن مفتاح النطق الصحيح، ونحاول تذكر أننا كنا يوماً أمة حروفها فخرها...