«واشنطن بوست»: تواصل العمل في موقع نووي غامض... جنوب ناتانز

طهران ترفض «عرض الـ3 أشهر»... مُقابل اليورانيوم المُخصّب

27 سبتمبر 2025 10:00 م

تعود رسمياً، ليل السبت - الأحد، العقوبات الأممية على إيران، إلا في حال تحقيق اختراق دبلوماسي في اللحظات الأخيرة، وذلك بعد تعثّر المفاوضات مع الأوروبيين الذين يطالبون بضمانات في شأن برنامجها النووي، وتنديد الجمهورية الإسلامية بقرار اعتبرته غير قانوني دفعها إلى استدعاء سفرائها من 3 دول أوروبية، فيما شجب الرئيس مسعود بزشكيان مطلب واشنطن بالتخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم بالكامل مقابل تعليق العقوبات لمدة 3 أشهر فقط.

وفشل مجلس الأمن ليل الجمعة، في تمرير قرار تقدمت به روسيا والصين، لتمديد رفع العقوبات 6 أشهر حتى 18 أبريل 2026، ضمن الاتفاق النووي بعدما صوت لصالح هذا المشروع، 4 دول فقط، وضده 9، بينما امتنعت دولتان عن التصويت.

واحتجاجاً على هذه التطوّرات، استدعت طهران سفراءها في فرنسا وألمانيا وبريطانيا (الترويكا) «للتشاور».

من جانبه، قال بزشكيان في نيويورك، حيث شارك في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل مغادرته عائداً إلى طهران، إن الولايات المتحدة «تريدنا أن نسلمها كلّ اليورانيوم المخصّب لدينا في مقابل إعفاء من العقوبات لمدة ثلاثة أشهر»، مؤكداً أن «ذلك غير مقبول بأي شكل من الأشكال».

وأضاف «بعد بضعة أشهر، سيكون لهم مطالب جديدة وسيقولون (مجدّداً) إنهم يريدون تفعيل آلية العقوبات»، مؤكداً أن طهران تفضل اختيار «آلية الزناد» لتفعيل العقوبات على قبول طلبات واشنطن «غير المنطقية»

وأكّد الرئيس الإيراني أن بلاده لن تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، رداً على الإجراءات المتّخذة بحقّها.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية عباس عراقجي أن تفعيل دول «الترويكا» الأوروبية «آلية الزناد»، لإعادة فرض العقوبات «هو باطل قانوناً، متهور سياسياً، وتشوبه عيوب إجرائية».

ووضعت «الترويكا» ثلاثة شروط تشمل مطالبة إيران بمنح مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولاً كاملاً إلى المنشآت النووية الأساسية واستئناف المفاوضات لا سيّما مع واشنطن، فضلاً عن اعتماد آلية لضمان أمن مخزون اليورانيوم المخصّب.

بدوره، كتب المرشد الأعلى السيد علي خامنئي على منصة «إكس»، «إن الطرف المقابل (واشنطن) يخل بالوعود في كل شيء، ويكذب في كل شيء، ويهدد عسكرياً بالخداع في كل وقت أو من دون وقت»، مؤكداً أنه «لا يمكن التفاوض مع الولايات المتحدة، ولا يمكن الجلوس معها بثقة واطمئنان لعقد أي اتفاق».

وتابع «نحن في هذه القضية وفي أي قضية أخرى لم ولن نخضع للضغوط».

موقع نووي غامض

عسكرياً، كشفت صور أقمار اصطناعية، أن إيران تكثف أعمال البناء في موقع نووي غامض يعرف بجبل «كولانغ» أو «جبل الفأس» في جبال زاغروس، ويقع على بعد نحو ميل واحد جنوب منشأة ناتانز، التي تعرضت لضربات أميركية - إسرائيلية في يونيو الماضي.

وبحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست»، الجمعة، رصدت الصور وجود شاحنات ومعدات ثقيلة في محيط منشأة عسكرية سرية في دلالة على نشاط إنشائي متواصل.

وأوضحت أن أعمال البناء في المنشأة، التي «لايزال الغرض منها غير معروف»، تكثفت بعد الضربات الأميركية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية، أحدها في موقع ناتانز القريب من جبل «كولانغ»، مشيرة إلى أن أعمال الحفر والبناء بدأت منذ عام 2020.

وقدّر محللون راقبوا عملية بناء الموقع، تقديراتهم بأن القاعات الواقعة تحت «جبل الفأس» قد «تصل إلى عمق ما بين 260 و330 قدماً (80 - 100 متر)، أي أنها تقع على عمق أكبر من تلك الموجودة في منشأة فوردو النووية، التي استهدفتها أيضاً الطائرات الأميركية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات.

كما تمتد البصمة الأرضية للموقع على مساحة ميل مربع تقريبا من سفح الجبل، مع وجود مدخلين لأنفاق على الجانبين الشرقي والغربي»، بحسب الصحيفة.

وأشار التقرير إلى أن إيران كانت أعلنت في 2020 أن الموقع سيضم مصنعاً لتجميع أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، كبديل لموقع دمرته أعمال تخريبية في العام نفسه، إلا أنه وبحسب المصادر، «أثارت أبعاد الموقع وعمقه شكوكاً بين المحللين حول استخدامه لأغراض أخرى، إما بوصفها منشأة سرّية جديدة لتخصيب اليورانيوم، وإما موقع تخزين آمنا لمخزونات إيران من اليورانيوم».

ماذا تستهدف العقوبات؟

في ما يأتي بعض الحقائق الرئيسية عن هذه الآلية المعروفة بـ «سناب باك» والمدرجة في الاتفاق النووي الموقع في العام 2015، حيث تستهدف العقوبات، شركات ومنظمات وأفراد يساهمون بشكل مباشر أو غير مباشر في البرنامج النووي أو تطوير الصواريخ البالستية.

ويعد تقديم المعدات والخبرات أو التمويل من مبررات فرض العقوبات. وتشمل العقوبات أيضاً، حظراً على الأسلحة التقليدية مع منع أي بيع أو نقل للأسلحة إلى إيران.

وسيتم حظر الواردات والصادرات أو نقل مكوّنات أو تكنولوجيا مرتبطة ببرنامجيها النووي والبالستي.

كما سيتم تجميد أصول كيانات وأفراد في الخارج تعود لشخصيات أو مجموعات إيرانية على صلة بالبرنامج النووي.

وسيمنع الأشخاص الذين يصنّفون على أنهم مشاركون في نشاطات نووية محظورة من السفر إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

سيتعيّن كذلك على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقييد الوصول إلى منشآت مصرفية ومالية يمكن أن تساعد برنامجي إيران النووي والبالستي.

وستُجمّد أصول أي شخص ينتهك نظام العقوبات حول العالم. عقوبات أوروبية منفصلة يمكن حالياً إعادة فرض عقوبات منفصلة حددها الاتحاد الأوروبي إلى جانب تلك الدولية. والهدف من العقوبات ضرب الاقتصاد الإيراني، ليس لعرقلة النشاط النووي فحسب، بل كذلك للضغط على طهران مالياً لإجبارها على الامتثال.

وسبق للولايات المتحدة أن أعادت فرض عقوباتها الخاصة، بما في ذلك حظر شراء دول أخرى نفط طهران، بعدما انسحب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي في ولايته الأولى.

كيف تُطبّق «آلية الزناد؟»

تعيد هذه الآلية تفعيل قرارات الأمم المتحدة، لكن تطبيقها عملياً يوجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تحديث قوانينها لتمتثل إليها.

وسيعود الأمر إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في اتّخاذ قرار بشأن تمرير التشريع ليكون بالإمكان تطبيق العقوبات، لكن أي الطرفين لم يقدّم تفاصيل بشأن هذه العملية.

كيف تُفرض العقوبات؟

تعد قرارات مجلس الأمن والعقوبات المرتبطة بها ملزمة، إلا أنها كثيراً ما تُنتهك.

ويبقى السؤال الأكبر هو إن كانت بلدان على غرار الصين وروسيا اللتين تعتبران تفعيل «آلية الزناد» غير قانوني، ستقرران عدم الامتثال.

وواصل بعض الدول، بما فيها الصين، التجارة مع إيران رغم العقوبات الأميركية. وتتوقع القوى الأوروبية ألا تمتثل موسكو للعقوبات، لكن رد فعل بكين التي تستورد كمية كبيرة من النفط من إيران غير واضح.

وقال السفير الروسي المعاون لدى الأمم المتحدة ديميتري بوليانسكي بعد التصويت على عدم اعتماد المقترح المدفوع من بلاده «لا زناد ولن يكون هناك زناد. وكلّ محاولة لإعادة إحياء القرارات المناهضة لإيران لمجلس الأمن المعتمدة قبل 2015 هي ملغاة وباطلة».