ملتقى علمي نظّمته «آمال امرأة كويتية» بالتعاون مع «مركز دراسات الخليج»

بين الحقوق والانتماء... المرأة الكويتية في مواجهة أسئلتها

24 سبتمبر 2025 10:00 م

- وداد المشعل: جمعيتنا تسعى لتحقيق العدالة المدنية والاجتماعية لكل النساء في الكويت
- يعقوب الكندري: المساواة مضمونة دستورياً... والعدالة بانتظار النقاش
- خالد العتيبي: الإسلام والعدالة الاجتماعية... موقف واضح ضد العنصرية والتمييز
- فاطمة الحويل: الاستثمار في الموارد البشرية طريق لاستقرار المجتمع وتمكين المرأة
- فواز الخطيب: تعزيز المساواة وترسيخ عدم التمييز واجب جماعي

ضمن الاهتمام المتنامي بقضايا المرأة الكويتية ومكانتها في المجتمع، شهدت جامعة الكويت، صباح أمس الأربعاء، ملتقى علمياً نظّمته جمعية «آمال امرأة كويتية»، بالتعاون مع مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية، حمل عنوان «المرأة بين الحقوق والانتماء: أبعاد قانونية، اجتماعية، شرعية، تربوية»، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمتخصصين، لبحث قضايا المرأة من زوايا متعددة، في محاولة للاقتراب من أسئلتها وتوفير حلول عملية لما قد تعانيه.

أكد القائم بأعمال مدير مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت الدكتور يعقوب الكندري، حرص المركز على التعاون المستمر مع مؤسسات المجتمع المدني، في تناول قضايا وطنية محورية، مشيرا إلى أن هذا اللقاء هو الثالث مع الجمعية، ويأتي لفتح النقاش حول قضايا المرأة في إطارها الشرعي والقانوني والاجتماعي.

وقال الكندري إن «دستور البلاد وقوانينها، نصت على المساواة وعدم التمييز بين المرأة والرجل، لكن هل تحققت العدالة؟ هذه القضايا تحتاج للمناقشة خلال هذه الفعالية».

الآمال

من جانبها، عرّفت رئيسة مجلس جمعية «آمال امرأة كويتية» وداد المشعل، بالجمعية التي تأسست عام 2023 وأهدافها، وقالت إنها امتداد لنضال طويل لمعالجة أوضاع المواطنات الأمهات لأبناء غير كويتيين، ومؤكدة أن هدف الجمعية هو الدفع نحو تحقيق العدالة الكاملة عبر مقترحات وحلول عملية تسعى لتقديمها للجهات المسؤولة.

وأضافت المشعل: تسعى الجمعية في رسالتها، إلى تنمية قدرات النساء والفتيات لتمكينهن من الحصول على حقوقهن المدنية والاجتماعية والقانونية، بما يضمن استقرارهن الأسري والمجتمعي.

ولفتت إلى أن «المرأة بشكل عام في المجتمع الكويتي تمثل شريحة واسعة ومتنوعة في أوضاعها وحالاتها الاجتماعية، وهو ما يجعل معاناتها المدنية تختلف من فئة إلى أخرى، إلا أن هناك تشريعات قائمة أسهمت في التخفيف من بعض هذه المعاناة».

وتابعت: «لكننا في الجمعية نسعى إلى إيصال صوت فئة أخرى من النساء، وهن الأمهات المواطنات الكويتيات لأبناء غير كويتيين، من أجل أن يتحقق لهن مبدأ العدالة المنشودة، فالآمال التي نحملها لا تخص شريحة بعينها، بل كل نساء الكويت بمختلف أوضاعهن وظروفهن».

وبيّنت المشعل أن «من أبرز أهداف الجمعية هو التركيز على قضايا المرأة بمختلف صورها وتجلياتها، وقد عملنا على بلورة مجموعة من المقترحات والحلول العملية، نأمل أن ينظر إليها المسؤولون والجهات المعنية بعين الاعتبار والجدية، لما تمثله من مساهمة في سد بعض الثغرات القائمة في التشريعات والقرارات الحالية.

وذكرت أن هذه المقترحات لم تأت من فراغ، وإنما انبثقت من معاناة حقيقية تعيشها هذه الفئات من النساء وأسرهن في حياتهن اليومية، ونحن بدورنا سنسعى إلى تقديمها إلى الجهات المختصة، أملاً في أن تخضع للدراسة والتقييم، وصولاً إلى إيجاد حلول نهائية، عادلة وآمنة، تعالج معاناتهن المدنية وتحقق لهن حياة مستقرة، ضمن إطار الضوابط والقوانين السارية في الدولة».

العنصرية

بدوره، تطرّق عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الكويت الدكتور خالد شجاع العتيبي إلى محور نبذ العنصرية من الناحية الشرعية، وقال إن «الدين الإسلامي أكرم المرأة والجميع، وحذر من كل ما من شأنه أن يكون سبباً للتفريق أو إيغار الصدور، أو تقطيعاً للصلات، وجعل الرابط الأقوى هو الأخوة الإيمانية (إنما المؤمنون أخوة)».

وأفاد بأن «العنصرية المقصودة هي التمييز بشيء لا يستحق أن يكون سببا للتمييز، كأن يكون بسبب العِرق أو اللون أو غيرها من الأمور التي نهى الإسلام عنها».

الشمولية

من جهتها، أشادت أستاذة القانون الدولي الخاص في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة الحويل بجهود وزارة التربية في تطوير مناهج المرحلة الابتدائية، وقالت: «وجدتُ أن كل ما طُرح في مؤتمرين حضرتهما في الكويت والبحرين، أخذ في الحسبان مفهوم الشمولية في التربية، بحيث يشمل الطالبة والطالب معاً في إطار المواطنة والتربية الإسلامية واللغة العربية».

وأضافت الحويل أن ما ينقص التجربة الكويتية هو «الشمولية»، موضحة أن غياب هذا المفهوم يفتح الباب لما يُعرف بالتمييز،، خصوصاً في المجال القانوني، مؤكدة أن حضور المرأة ينبغي أن يكون ممثلاً في كل أضلاع الدولة ومؤسساتها.

وبيّنت أن التمييز القانوني ليس بالضرورة نتيجة نوايا سيئة، وإنما يعكس نقصاً في العلم والمعرفة والقدرة، مشيرة إلى أن «كل دولة حين تستثمر في مواردها البشرية، فإن غايتها تكون استقرار البلد وتنمية المجتمع. والكويت، كما عهدناها، كانت دائماً سبّاقة في هذا المجال.»

وشدّدت الحويل على ضرورة تقريب المجتمع المدني بمؤسساته وأفراده من دوائر التخطيط وصناعة القرار، موضحة أن هذا المجتمع المدني كان، ولايزال، وسيظل على استعداد لتقديم الدعم والمساندة في مسيرة التنمية الوطنية.

المفاضلة

من جانبه، أكد الشريك والمدير في مجموعة طاهر القانونية، المحامي الدكتور فواز الخطيب، أن الأحكام المتعلقة بالمفاضلة الوظيفية بين الرجل والمرأة، لاسيما حين يكون الطرفان متساويين في المؤهلات العلمية وسنوات الخبرة، ينبغي أن تُبنى على معيار الكفاءة والإنتاجية، لا على أساس الجنس.

وشدّد الخطيب على أن للمجتمع خصوصيته في التعامل مع قضايا المرأة، موضحاً أن القانون الجزائي الإجرائي مثلاً يفرض أن يتم تفتيش النساء من قبل نساء، ولا يمكن أن يقوم رجل بهذا الإجراء، الأمر الذي يعكس ضرورة وجود المرأة كعنصر محوري في القطاعات الأمنية. وأضاف: «غياب هذا الدور سيؤدي إلى إشكاليات حقيقية في محاربة الجريمة وضمان الأمن».

وختم بالقول: «في النهاية، المرأة هي الأم والزوجة والأخت والابنة، هي التي تربي وتصنع الأجيال. ومن هنا فإن مسؤوليتنا الجماعية تقتضي نصرتها في قضاياها، والإنصات إلى معاناتها، والبحث عن حلول واقعية تسهم في تعزيز مبدأ المساواة وترسيخ قاعدة عدم التمييز».

إرساء قواعد العدالة الاجتماعية

أكدت وداد المشعل أن جمعية «آمال امرأة كويتية» تنطلق في رسالتها من رؤية متكاملة تستند إلى مبدأ الشراكة والتعاون مع مختلف المؤسسات الوطنية والأكاديمية، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن قضايا المرأة لا يمكن معالجتها بمعزل عن تكامل الجهود بين الدولة والمجتمع المدني والأوساط العلمية والفكرية.

وشددت على أن ما نصبو إليه هو إرساء قواعد العدالة الاجتماعية الحقيقية، وتعزيز حضور المرأة ودورها الفاعل في مسيرة التنمية المستدامة التي تُشكّل الكويت فضاءها الرحب.

مسيرة دستورية وقانونية

استعرض الدكتور فواز الخطيب مسار حقوق المرأة الدستورية والقانونية منذ 1962، مؤكداً مبدأ المساواة وعدم التمييز في الدستور وإرادة المشرع الدستوري في ترسيخه، مشيراً إلى التطور الذي شهدته المرأة بدخولها القضاء والقطاعات الأمنية والدفاع، وإلى أحكام قضائية بارزة كحق السكن الذي نظر إليه المشرّع من زاوية الأسرة الكويتية ككل.

شمول المواطنات في الخطط التنموية

قدّمت الدكتورة فاطمة الحويل توصيات أبرزها شمول المواطنات في الخطط التنموية على مستوى الإعداد والتنفيذ والتقييم، عبر اجتماعات دورية معهن للاستماع إلى مقترحاتهن، باعتبارهن الأقدر على توصيف التحديات ووضع الحلول. كما شدّدت على أهمية إشراك المجتمع المدني في التخطيط وصناعة القرار، مؤكدة أن استعداده لدعم التنمية الوطنية ثابت ومستمر.