في إنجاز طبي غير مسبوق، نجح باحثون أميركيون في تطوير علاج تجريبي يجمع بين الخلايا التائية المناعية المعدلة وراثياً وبين الخلايا الجذعية المولدة للدم، وذلك ضمن تجربة سريرية تهدف إلى بناء «مصنع مناعي داخلي» قادر على إنتاج جيش من الخلايا القاتلة للأورام لفترات طويلة بعد العلاج الأساسي.
ويعاني ميدان علاج السرطان من تحديات متكررة لفشل العلاجات المناعية الحالية في الحفاظ على فعالية الخلايا التائية لفترة كافية، إذ ينهكها الجسم أو تختفي قبل القضاء على كل الخلايا السرطانية.
النظام الجديد يعتمد على زرع خلايا جذعية مزودة بمستقبلات وراثية تستهدف مؤشراً سرطانياً اسمه «NY-ESO-1»، ما يتيح إنتاجاً مستمراً لخلايا قادرة على تعقب وقتل الخلايا المصابة بدقة متناهية.
وفي التجربة الأولى، تم جمع الخلايا الجذعية من مرضى السرطان، ثم تعديلها في المختبر لتزويدها بخريطة جينية تستهدف الورم، قبل إعادة زرعها بعد تهيئة نخاع العظم بكيمياء مركزة. ونجحت العملية في إنتاج خلايا تائية مستدامة داخل الجسم، وسجل بعض المرضى انخفاضاً ملموساً في حجم الأورام مع استمرار نشاط الخلايا الجديدة لأشهر عدة.
ورأى متخصصون أن هذا النهج يفتح الباب لمناعة طويلة الأمد ضد السرطان، وقد يوفر حلولاً لاحقة ضد أمراض مزمنة وعدوى يصعب علاجها أو حتى اضطرابات مناعية مستعصية. ويبقى التحدي في تعقيد الإجراء وحاجته لمراكز متقدمة وكوادر مؤهلة، إلا أن علماء الفريق البحثي يعتقدون أن مستقبلاً واعداً ينتظر هذا التوجه مع مزيد من التطوير والاختبار.
وتشير هذه النتائج إلى أن الخلايا المناعية المُبرمجة بهذه الطريقة احتفظت بقدرتها الهجومية ولم تظهر علامات الإجهاد أو العجز المناعي، وهو ما يعطي أملاً حقيقياً للحد من انتكاسات المرض مستقبلاً. فالمسار الآن يتجه نحو توسيع التجربة وتقييم فعاليتها بجمهور أوسع لمعرفة أثرها في تحسين نسب الشفاء وإطالة العمر.