بدعم من «وشاح» كوكب الأرض

جبال «الهيمالايا» تتحدى الفيزياء!

17 سبتمبر 2025 10:10 م

في محاولة لفهم أسرار نشأة واستمرار قمم جبال الهيمالايا، بوصفها أعلى جبال على سطح الأرض، أظهرت دراسة حديثة أجراها فريق «بييترو ستريناي» البحثي أن تلك القمم الضخمة ليست مدعومة فقط بطبقة قشرة الأرض الصلبة، بل تعتمد أيضاً على دعم خفي من طبقة وشاح كوكب الأرض الواقعة أسفل القشرة الأرضية، وذلك في اكتشاف أثارَ ارتباك الأوساط الأكاديمية وقد يؤدي إلى تغيير فهمنا لتكوّن الجبال في أنحاء العالم.

وكانت النظريات التقليدية تشير إلى أن سماكة قشرة كوكب الأرض الناجمة عن اصطدام صفائح «الهند» و«آسيا» التكتونية هي التي كوّنت قاعدة «الهيمالايا»، بحيث امتدت تلك السماكة إلى عمق يناهز 80 كيلومتراً تقريباً. لكن أعضاء الفريق البحثي نقضوا تلك النظرية أخيراً، مشبهين اعتمادها بصنع جبل فوق طبقة من الزبادي، ذلك أن الصخور في الأعماق تتحول إلى مادة طرية لا تصلح لدعم ذلك الارتفاع.

وكشفت الدراسة عن أن جزءاً من مادة طبقة وشاح كوكب الأرض لم يتدفق بعيداً أثناء اندفاع الصفيحة الهندية، بل ارتفع وتوقف أسفل القشرتين، وهو الأمر الذي وفرَ لجبال الهيمالايا دعماً إضافياً وبقاءً ممتداً، وهذا من شأنه أن يفسر صمود تلك الجبال و«هضبة التيبت»، حيث لاحظ العلماء أن مادة طبقة وشاح كوكب الأرض تتمتع بمتانة وليونة تفوق القشرة الأرضية فتمنح دعماً مديداً للمنطقة وتفسر ظواهر جيولوجية حيرت العلماء لعقود.

وتتوافق تلك النتائج مع البيانات الزلزالية والملاحظات الجيولوجية المباشرة، ما دفع بعض أعضاء الفريق البحثي إلى القول بوضوح إن «الأمور بدأت تصبح منطقية أخيراً»، وإن من شأن هذا أن يرجح صحة فرضية دور طبقة الوشاح ويوسّع نطاقها لدراسة كيفية تكوين ونشوء الجبال في أماكن أخرى حول العالم.

وهكذا، تدفع نتائج هذه الدراسة الحديثة الباحثين إلى إعادة تقييم النظريات السائدة بخصوص تكوين الجبال، مع إمكانية أن تكون طبقة وشاح كوكب الأرض عنصراً أساسياً وليست مجرد عامل ثانوي. ومن المرجح أن يسهم هذا في تحسين توقعات النشاط الزلزالي وأن يعزز فهمنا لإمكانات استكشاف المعادن وحماية البيئات الجبلية.

وخلصت الدراسة البحثية إلى تأكيد الحاجة إلى مواصلة التحقيق العلمي وطرح الأسئلة الجديدة حول أسرار باطن الأرض وأثرها على حياتنا وبيئاتنا المستقبلية.