استبشرت خيراً عندما اطلعت على خبر مقتضب حول توقيع اتّفاق استئناف التعاون المشترك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسبوع الماضي، باعتباره مؤشراً على التهدئة بين إيران ومجموعة «5+1»، أطراف الاتفاق النووي السابق (2015).
واطمأننت قليلاً عندما قرأت تغريدة المدير العام للوكالة الذرّية رافاييل غروسي، على منصّة «إكس» بشأن الاتفاق الجديد (2025)، التي اعتبر فيها أن هذا الاتفاق «خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح».
واطمأننت أكثر عندما علمت أن الاتفاق أقرّ قبل ثلاثة أيّام من قبل مجلس الأمن القومي الإيراني، مع تأكيد المجلس على تعليق التعاون في حال تعرّض إيران لأي عدوان عسكري أو إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران.
فهذه الأنباء الثلاثة يفترض أنها تُسهم في خفض التوتّر وتجنيب المنطقة خطر تجدد الحرب بين إيران وإسرائيل.
ولكن مشاعر الاطمئنان تبدّدت قليلاً بعد قراءة مقال حول الاتفاق الجديد، نُشر قبل ثلاثة أيّام في المجلّة الإخبارية Foreign Policy بعنوان «الاتفاق الإيراني الذي لم يتم التوصل إليه بعد». حيث تضمّن هذا المقال معلومات كانت خافية علي ومغايرة لتصوّري السابق بشأن الاتفاق.
ثم تبدّدت أكثر مشاعر الاطمئنان، بعد الاطلاع على نشرات على شبكة الإنترنت، بشأن تصريحات من مسؤولين إيرانيين والمدير العام للوكالة الذرية، تؤكّد صحّة المعلومات (المغايرة لتصوري السابق) الواردة في المقال.
فمن بين تلك النشرات، تصريح وزير خارجية إيران الدكتور عباس عراقجي حول الاتفاق الجديد، في اليوم التالي لتوقيعه. الذي أكّد فيه أن الاتفاق الجديد «لا يسمح حالياً للمفتشين بدخول المواقع النووية الإيرانية».
وهذا ما أكّده أيضاً قبل ثلاثة أيّام المدير العام للوكالة ضمن كلمته في جلسة افتتاح الجمعية العامّة للوكالة. حيث قال «إن الوقت قد حان لتطبيق الاتفاق مع إيران بشأن استئناف عمليات التفتيش من قبل الوكالة»، بمعنى أن الاتفاق الجديد لا ينص على التطبيق الفوري لبنود الاتفاق.
ومن بين المعلومات المثيرة للقلق في المقال، أن نص الاتفاق الجديد لم يُنشر حتى اليوم، لا من قبل إيران ولا من قبل الوكالة الذرية. وهذا غالباً ما يكون بسبب اختلاف الطرفين -رغم اتفاقهما من حيث المبدأ- حول إضافة أو حذف أو تعديل بعض المفردات أو الجمل من متن الاتفاق.
وتعتقد السيدة Ellie Geranmayeh، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن الاتفاق الجديد مجرّد مناورة من الطرفين، لن يكون له أثر بارز على مجريات المسارات الرئيسة، ومن بينها مسار إعادة فرض العقوبات على إيران.
فالأوروبيون موافقون على منح إيران إعفاءً موقّتاً من العقوبات، ولكن شريطة تقديم كشف كامل عن أماكن وجود ما يُقدر بـ400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب.
لكن هذا المخزون هو الورقة الرابحة الأخيرة التي تملكها إيران، ولا جدوى من طرحها على الطاولة لمجرد ضمان إعفاء لمدّة ستة أشهر من العقوبات. فالمرجّح أنها ستحتفظ بها لتوظّفها في عملية التفاوض مع الولايات المتحدة.
وتعتقد السيدة Geranmayeh أن الأسبوع (22 - 30 سبتمبر) رفيع المستوى للدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، هو الفرصة الأخيرة لتهدئة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، إلى مستوى قد يسمح بإعادة إطلاق مفاوضات جادة. وإذا لم تُقتنص هذه الفرصة، فإنّه «ما لم يُقْدِم الإيرانيون على خطوة مفاجئة، فإنهم سوف يتعرّضون لإجراءات تصعيدية متتالية».
يبدو أن الأسبوع رفيع المستوى سوف يكون ساخناً في الملفين الفلسطيني والإيراني. لذلك، ينبغي التفاؤل بتحقق أفضل السيناريوهات المحتملة في الملفين، والاستعداد لأسوأها... «اللهم أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه».