جدَّد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، رفض المملكة وإدانتها اعتداءات سلطة الاحتلال الإسرائيلية في المنطقة، وآخرها العدوان الغاشم على قطر، مؤكداً وقوف الرياض مع الدوحة في كل إجراءاتها بلا حد، وتسخير كل إمكاناتها لذلك.
وأشار ولي العهد إلى أن «مبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة عام 2002، وقمنا بتفعيلها دولياً عبر منظور حل الدولتين، تشكل اليوم مساراً غير مسبوق لتحقيق الدولة الفلسطينية».
وأضاف: «لقد أثمرت جهود المملكة المكثفة في ازدياد عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين، وما حققه المؤتمر الدولي لتنفيذ حل الدولتين في نيويورك من حشد لم يسبق له مثيل يعزز التوافق الدولي من أجل تنفيذ هذه المبادرة»، مقدماً شكره لكل الشركاء الإقليميين والدوليين المشاركين على إسهاماتهم الإنسانية الفعالة، ومكرراً الدعوة للدول الأخرى للمشاركة في هذه المرحلة.
وقال محمد بن سلمان، خلال افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى: «قامت هذه الدولة منذ ثلاثة قرون على مبادئ راسخة ترتكز على إعلاء الشريعة الإسلامية وإقامة العدل والشورى، وإننا نعتز بهذا النهج المبارك، وأنْ شرّفنا الله بخدمة الحرمين الشريفين، وهي مسؤولية نوليها كل العناية والاهتمام، ونسخّر لها كل طاقاتنا».
وأضاف «يمضي اقتصادنا في تنويع مساراته وتأكيد قدرته على تقليص اعتماده على النفط، وللمرة الأولى في تاريخنا حققت الأنشطة غير النفطية 56 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ مستويات تتجاوز أربعة ونصف تريليون ريال».
وتابع «كل ذلك وغيره من المنجزات جعل السعودية مركزاً عالمياً يستقطب مختلف النشاطات، ولعل اختيار 660 شركة عالمية المملكة مقراً إقليمياً لها، وهو أكثر مما كان مستهدفاً لعام 2030؛ يجسّد ما تحقق في البنية التحتية ومستوى الخدمات التقنية، ما يؤكد متانة الاقتصاد السعودي وآفاقه المستقبلية الرحبة».
الذكاء الاصطناعي
وفي إطار الاستثمارات في التوجهات المستقبلية، قال ولي العهد إن «الاتفاقات التي عُقدت في مجال الذكاء الاصطناعي تستكمل جوانب من حلقة برامج الرؤية، لتكون المملكة خلال السنوات المقبلة مركزاً عالمياً لهذا المجال»، مضيفاً: «نعمل في البرامج العسكرية على رفع القدرات الدفاعية إلى أعلى مستويات متقدمة عالمياً، كما أن التعاون مع شركائنا الإستراتيجيين يسهم في تحقيق مستهدفاتنا في توطين الصناعة العسكرية وتسريعها، التي وصلت الآن إلى أكثر من 19 في المئة بعد أن كانت لا تتجاوز 2 في المئة».
وتابع «تُدرك الدولة أن وجود مالية عامة قوية لا تعتمد على مصدر وحيد متذبذب للإيرادات، هي ضرورة ومطلب أساسي للتنمية والتنويع الاقتصادي المستدام، ومن خلالها تنمو الفرص الوظيفية المتنوعة»، منوهاً بأن «الدولة عملت منذ انطلاق الرؤية على بناء هذا الأساس، ما أكسب بلادنا اقتصاداً صلباً جعل منها وجهة للاستثمار».
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
وفي الشأن الداخلي، قال محمد بن سلمان: «تَحقَّق الكثير من الأهداف التي نسعى إليها، ومن ذلك وصول نسبة البطالة إلى أدنى مستوياتها، وارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أعلى درجاتها، وانخفاض نسبة محدودي الدخل»، لافتاً إلى «مواصلة تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للإنفاق العام، لضمان توجيه الموارد نحو الأولويات الوطنية ضمن سعينا المستمر لخدمة المواطن وزيادة دخله، ورفع مستوى الخدمات المقدمة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيم والزائر».
وأضاف «ان النمو الاقتصادي القوي الذي تعيشه المملكة اليوم صاحَبَه ارتفاع في أسعار العقار السكني في بعض مناطق المملكة إلى مستويات غير مقبولة، ما أدى إلى بعض التشوهات في القطاع وتسببها في ارتفاع متوسط تكلفة السكن بالنسبة إلى دخل المواطن، ما استدعى العمل على وضع سياسات تُعيد توازن هذا القطاع بما يُخفض تكلفة العقار، ويشجع على الاستثمار في التطوير العقاري، ويتيح خيارات مناسبة ومتعددة للمواطنين والمستثمرين».
وتابع ولي العهد في كلمته «لقد أظهرت المرحلة السابقة قدرة القطاعين العام والخاص على مواجهة التحديات والتأقلم السريع مع تغير الظروف، كما كان لجودة الأداء الحكومي دور بارز في امتصاص الصدمات الاقتصادية ومرونة ومراجعة مسار برامج وتحويرها ومكوناتها لتكون أكثر مناعة ضد أي تقلبات دون تعطيل متطلبات التنمية».
وشدد على أن «المصلحة العامة هي الهدف الأسمى الذي نتوخاه من تلك البرامج والمستهدفات. ونحن عازمون -بحول الله وقوته- على تحقيقها وإكمالها. إلا أننا نؤكد أيضاً أننا لن نتردد في إلغاء أو إجراء أي تعديل جذري لأي برامج أو مستهدفات تبين لنا أن المصلحة العامة تقتضي ذلك».
إدانة العدوان الغاشم
وقال ولي العهد «إن إنجازاتنا الداخلية تسير جنباً إلى جنب مع مساعينا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ونحن نرفض ونُدين اعتداءات سلطة الاحتلال الإسرائيلية في المنطقة وآخرها العدوان الغاشم على دولة قطر الشقيقة الذي يتطلب تحركاً عربياً وإسلامياً ودولياً لمواجهة هذا العدوان، واتخاذ إجراءات دولية لوقف سلطة الاحتلال وردعها عن ممارساتها الإجرامية في زعزعة أمن المنطقة واستقرارها. سنكون مع دولة قطر الشقيقة في كل ما تتخذه من إجراءات بلا حد، ونسخّر إمكاناتنا كافة لذلك».
وأكد الأمير محمد بن سلمان اتخاذ السعودية مواقفَ محورية وأنها نفّذت مبادرات متعددة، «بدءاً من النجاح في رفع العقوبات الدولية عن سوريا، ومساندة جهودها لضمان وحدة أراضيها وإعادة بناء اقتصادها. ونأمل أن يتحقق الاستقرار في لبنان واليمن والسودان».
وعن دور مجلس الشورى، أكد ولي العهد أن «للمجلس بصمة واضحة ودوراً مهماً في ما يتحقق من إنجازات من خلال إسهامهم في تطوير الأنظمة واستكمال المنظومة التشريعية وتحديثها، لتكون بلادنا في مصافّ الدول المتقدمة تشريعياً، وأن ما نعمل عليه ونصبو إليه عمادُه رفعة المواطن وتقدم بلادنا الغالية في مختلف المجالات».