رؤية ورأي

دروس مستخلصة من حرب الـ 12 يوماً

3 سبتمبر 2025 10:00 م

يوم السبت الماضي، نشرت مجلّة The National Interest نصف الشهرية المتخصّصة في العلاقات الدولية (الصادرة عن مركز الدراسات الفكرية The Center for the National Interest الذي أسّسه الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون عام 1994) مقالاً بعنوان «كيف يمكن للقبة الفولاذية التركية أن تُعيد تعريف الدفاع الجوي الوطني»...

كتبه المحرر الأول في المجلّة لشؤون الأمن القومي Brandon J. Weichert، الحاصل على درجة الماجستير في إدارة الدولة والشؤون الأمنية الوطنية من معهد السياسة العالمية في العاصمة الأميركية واشنطن.

يعتقد كاتب المقال أن نظام الدفاع الجوّي التركي المعروف باسم «القبّة الفولاذية»، الذي دشّنه رسمياً الرئيس رجب طيّب أردوغان، الأسبوع الماضي، يعتبر إحدى نتائج التحوّل الجذري في الإستراتيجية الدفاعية التركية منذ اضطراب علاقاتها الدفاعية مع الولايات المتّحدة في 2013، بسبب استمرار رفض أميركا تزويدها دفعة من النسخة الأحدث من بطاريات صواريخ «باتريوت»، رغم النشاط المكثّف لسلاح الطيران الروسي في سوريا آنذاك.

ويرى الكاتب أن المحطة الرئيسية التالية لانهيار علاقات أنقرة الدفاعية مع واشنطن، كانت عندما حُرمت تركيا من الحصول على عدد من أنظمة الأسلحة الغربية المتطوّرة، بسبب شرائها وامتلاكها منظومة S-400 الروسية. هذا الحرمان دفع الحكومة التركية نحو التحوّل إلى خيار توطين صناعات عسكرية.

ولكن هذا التحوّل، تسارعت وتيرته في الفترة الأخيرة، منذ توالي الأحداث الجسيمة في المنطقة، كالحرب الإسرائيلية - الإيرانية، وقبلها تغيير نظام الحكم في سوريا وتبعاته السلبية على العلاقات التركية - الإسرائيلية.

ومن بين الشواهد على تسارع وتيرة التحوّل، إعلان الرئيس التركي في 27 أغسطس 2025 استثمار 1.5 مليار دولار أميركي لمضاعفة إنتاج شركة Aselsan التركية للإلكترونيات الدفاعية.

وأما الارتباط بين تسارع الوتيرة وتوالي الأحداث، فمن بين دلائله التقرير المعنون «حرب الـ12 يوماً: الدروس المستخلصة لتركيا» الذي أصدرته في بداية شهر أغسطس الماضي الأكاديمية الوطنية للاستخبارات التابعة لجهاز الاستخبارات التركي.

تضمّن هذا التقرير ثلاثة محاور... قدّم في محوره الأوّل قراءة تحليلية للمعطيات العسكرية والتقنية والاستخباراتية، واستعرض القدرات العمليّاتية التي نفذها طرفا الحرب، من قبيل الحملات الجوية بالطائرات المقاتلة والهجمات الصاروخية وكفاءة منظومات الدفاع الجوّي في التصدّي لهذه الحملات والهجمات.

فضلاً عن توضيح الدور المحوري للأبعاد المستحدثة في هذه الحرب، كالمجالين السيبراني والكهرومغناطيسي، والاستخدامات المكثّفة للتكنولوجيا المدنية والأساليب غير التقليدية في إدارة المعركة.

وأظهر المحور الثاني، أهمية الدبلوماسية والتحالفات الإقليمية والدولية في الحروب. وخُصّص الثالث لاستشراف السيناريوهات المستقبلية المحتملة في المديين القريب والمتوسط.

وخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات، من بين أبرزها توصية لقطاع الصناعات الدفاعية في تركيا، بألا يقتصر تركيزه على تلبية الاحتياجات التقليدية، لأنها غير كافية لساحات الحروب الحديثة والمستقبلية، التي تستوجب تحديثاً مستمراً للبنية التقنية والعقائدية لأنظمة المواجهة.

كما شمل التقرير توصيات عدة بشأن الاستعداد المجتمعي والدفاع المدني. فعلى جانب الدفاع المدني، تضمن التقرير، توصيات، من بينها إنشاء شبكة إنذار مبكر واسعة، وبناء أنظمة تحذير وإنذار ضد الهجمات الجوية.

وعلى جانب الاستعداد المجتمعي، تضمّن التقرير توصية ضرورية عاجلة بتنظيم حملات تهدف إلى رفع وعي الجمهور في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، لأنّه ثبت في حرب الـ12 يوماً، أنه لم يعد من الممكن أن تظل مسؤولية الأمن والاستخبارات مقتصرة على المؤسسات العامة.

وأما الدروس التي يمكن استخلاصها للكويت، قد يكون من بينها ضرورة تنمية وعي الجمهور في التعاطي مع الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والحاجة لإنشاء تطبيق «صافرات الإنذار» لأجهزة الموبايل، لتوجيه الجماهير أثناء الأزمات والكوارث ويطلق صافرة بمستوى تحذير يُحدد حسب قرب حامل الموبايل من منطقة الخطر... «اللهم أرنا الحقّ حقّا وارزقنا اتّباعه».

[email protected]