كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب منحه الضوء الأخضر «لإنهاء الموضوع» في قطاع غزة، في حين أبلغ كبار المسؤولين الأميركيين نظراءهم الإسرائيليين بأن «القرار بشأن السيادة (على الضفة الغربية المحتلة) بيدكم».
وفي وقت رفضت حركة «حماس» ما يتردد عن خطة أميركية للسيطرة على القطاع وإخلائه من سكانه وتحويله إلى منطقة اقتصادية وسياحية، عززت قوات الاحتلال، هجومها على مدينة غزة، مع توغل دباباتها في داخل أحيائها، على وقع اتهامات دولية جديدة بأن ما تقوم به في القطاع المنكوب يرقى إلى «إبادة جماعية».
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن رئيس الأركان إيال زامير عرض، خلال جلسة المجلس الوزاري الأمني المصغر ( الكابينيت)، ليل الأحد، الخطوط العريضة للتوصل إلى اتفاق مع حرمة «حماس»، لكن معظم الوزراء عارضوها، وعلّق نتنياهو بالقول «لا حاجة للتصويت، فهي ليست على جدول الأعمال».
وتتضمن الخطوط العريضة، إعادة 10 رهائن أحياء و18 جثة، لمدة 60 يوماً - يُطبّق خلالها وقف إطلاق النار وتستمر المفاوضات بشأن إطلاق الرهائن المتبقين - إلى جانب إطلاق مئات الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو فسّر معارضته لخطة زامير، بالقول إن إسرائيل تملك الآن مهلة دبلوماسية «غير محدودة» من الأميركيين، وأن الانسحاب من بعض الأراضي التي احتلها الجيش في عملية «عربات جدعون» سيكلّف «ثمناً باهظاً».
وأضاف أن ترامب قال له «دعوا الصفقات الجزئية، وادخلوا بكل قوتكم وأنهوا الموضوع».
ضم الضفة
وفي ما يتعلق بالضفة، أبلغ وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، نظيره الأميركي ماركو روبيو خلال لقائهما الخميس الماضي، بأن بلاده تتجه لإعلان ضم الضفة «في الأشهر القريبة»، وفق ما كشف موقع «واللا»، وسط توافق داخل الحكومة على المضي في الضم، مع خلاف حول ما إذا كان كـ«رد على الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية» أو كخيار أيديولوجي.
وأشار الموقع العبري إلى أن «الكابينيت» ناقش مساء الأحد أبعاد القضية، بالتوازي مع مصادقة الكنيست الشهر الماضي على مقترح رمزي يدعو لفرض السيادة على الضفة وغور الأردن.
وبحسب مسؤولين إسرائيليين، يُدرس بجدية احتمال تطبيق السيادة «على مناطق محددة»، إلا أن نتنياهو لم يتخذ بعد قراراً نهائياً.
وذكر أحد المسؤولين أن «الأميركيون يقولون لنتنياهو ولعدد من كبار المسؤولين: قرروا أولاً ماذا تريدون... ثم سنتحدث».
وأوضحت صحيفة «يسرائيل هيوم»، أن «الرسالة (الأميركية) لا تمثل ضوءاً أخضر كاملاً، لكنها أيضاً ليست ضوءاً أحمر نهائياً».
تزامن ذلك مع فرض عقوبات أميركية جديدة ضد الفلسطينيين، حيث قررت واشنطن عدم منح تأشيرات دخول لكل من يحمل جواز سفر فلسطيني، بما فيهم من يريدون العلاج أو الدراسة في الجامعات، أو زيارات أقارب لهم، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت».
وأشارت إلى أن القرار لا يشمل مزدوجي الجنسية، ولن تسحب تأشيرات منحت في السابق.
غزة «ليست للبيع»
إلى ذلك، وبعد تقارير وردت في صحيفة «واشطن بوست» عن خطة أميركية لتحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، قال عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم لـ «وكالة فرانس برس» موجّهاً كلامه للإدارة الأميركية، «انقعوها واشربوا ماءها، كما يقول المثل الفلسطيني بالعامية»، مضيفاً «غزة ليست للبيع».
وأضاف أن غزة «ليست مدينة على الخريطة أو جغرافيا منسية، بل هي جزء من الوطن الفلسطيني الكبير».
«إبادة جماعية»
وعلى الأرض، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين فلسطينيين وشهود أن القوات الإسرائيلية أرسلت مركبات مدرعة قديمة إلى الأجزاء الشرقية من حي الشيخ رضوان المكتظ بالسكان ثم قامت بتفجيرها عن بعد، ما أدى إلى تدمير عدة منازل وإجبار المزيد من العائلات على الفرار، فيما استشهد أكثر من 42 شخصاً حتفهم في غارات جوية، بينهم 25 في مدينة غزة.
وفي منشورات أسقطها على مدينة غزة، طلب جيش الاحتلال من السكان التوجه جنوباً فوراً، مؤكداً أنه يعتزم توسيع هجومه إلى غرب المدينة.
وجاءت هذه التطورات الميدانية، في وقت ذكرت رئاسة أكبر جمعية من العلماء المتخصصين في أبحاث الإبادة الجماعية والتوعية بها حول العالم، إن الجمعية وافقت على قرار ينص على استيفاء المعايير القانونية لإثبات ارتكاب إسرائيل «إبادة جماعية» في غزة.
وأيد 86 في المئة من المصوتين من بين 500 عضو في الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية القرار الذي ينص على أن «سياسات إسرائيل وتصرفاتها في غزة تستوفي التعريف القانوني للإبادة الجماعية المنصوص عليه في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (1948)».
وينص القرار أيضاً على أن هجوم «حماس» على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب يمثل جرائم دولية.
ومنذ تأسيسها عام 1994، أصدرت الجمعية تسعة قرارات تعترف بوقائع تاريخية أو مستمرة على أنها «إبادة جماعية».