متخصصون يؤكدون أنّ من يحسن استخدامه سيكتشف أنه وسيلة لتطوير قدراته لا تهديداً لها

بعد توسّع الكويت في التحول تقنياً... هل يهدّد الذكاء الاصطناعي موظفي الحكومة؟

30 أغسطس 2025 10:00 م

- شروق الصايغ: الذكاء الاصطناعي مفيد للإنسان ويمكنه التحكم به وفق عمله
- أنور الحربي: التطور تكنولوجياً مساند للبشر في وظائفهم وليس بديلاً كاملاً
- سعود الزيد: التقنية المتطورة لا تنتزع دور الإنسان بل تمنحه فرصة للإبداع

في ظل تطور استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوجه الكويت للسماح باستخدامها في عدد من الوظائف ابتداء من أكتوبر المقبل، بالتعاون مع شركة مايكروسوفت، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان التحول نحو استخدامات التكنولوجيا المتطورة، قد يؤدي إلى تقليل الاعتماد مستقبلاً على العنصر البشري، وتحديداً في القطاع الحكومي.

في المقابل، ثمة ما يطمئن من هذه المخاوف، ليس أقله أنه من ضمن بنود اتفاقية حكومة الكويت مع «مايكروسوفت»، طرح مبادرة تأهيل شاملة، تهدف إلى تزويد الكوادر الوطنية بالمهارات الأساسية في الذكاء الاصطناعي، لضمان جاهزية سوق العمل في المستقبل، ما يعني أنه سيقابل توسع الكويت في استخدامات الذكاء الاصطناعي، الاعتماد على العنصر البشري بالمهارات المستجدة.

وما يعزز ذلك، ما جاء على لسان الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الشيخ نواف السعود، عقب افتتاح مركز الابتكار في الذكاء الاصطناعي التابع لشركة نفط الكويت أخيراً، حيث أكد أنه «لا بديل عن العنصر البشري في تحليل ما يصدر من الذكاء الاصطناعي»، مبيناً أنه مهما كان الذكاء الاصطناعي سريعاً ودقيقاً، فإن الذكاء البشري يفوقه.

تسريع الأعمال

ويعزز هذا الاتجاه تصريح مماثل في الاحتفالية نفسها للرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت أحمد العيدان، حيث أكد مواصلة الاستثمار في تطوير الكفاءات الوطنية، وفتح المجال أمام الشباب الكويتي، ليقودوا مسيرة التحول في عالم الذكاء الاصطناعي والطاقة.

ووسط المخاوف المتصاعدة بهذا الخصوص، أشارت مصادر مطلعة إلى أن تسريع الجهات الحكومية لتبني أدوات الذكاء الاصطناعي، يأتي لدعم وتسريع أعمالها تحت إشراف الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات، وأنها ستقوم في هذه الاثناء بإجراء سلسلة من التدريب لكوادرها البشرية لاستخدام هذه الأدوات، ما يفتح مجالات توظيف جديدة للقدرات البشرية المحلية، مع تحسين قدراتها بالوظائف القائمة، تغطي أو قد تزيد من الوظائف، التي سيتم الاستغناء عنها مستقبلاً في جميع الأسواق.

وما يستحق الإشارة هنا، تصريحات المسؤولين في الجهات الحكومية على تعزيز البيئة الرقمية، والتي تتقاطع جميعاً على أن التوسع في استخدامات الذكاء الاصطناعي حكومياً، سيقابله تمكين للكفاءات الشابة، وصقل مهارتهم وتزويدهم بالمعرفة اللازمة، بما يعزز قدراتهم على الابتكار والتميزن ومواكبة التغيرات التقنية التي ستطرأ على بيئة الأعمال.

دور الإنسان

من ناحيته، قال عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاتصالات وتقنية والمعلومات السابق سعود الزيد، لـ«الراي»، إنه مع تصاعد الحديث عن الذكاء الاصطناعي، يظن كثيرون أنه الخطر القادم على الوظائف، لا سيما التقليدية، لكن الواقع يكشف أن هذه الأدوات لا تنتزع دور الإنسان، بل تمنحه فرصة للتطور والإبداع في عمله وفتح فرص إضافية في نطاق وظيفته.

ولفت الزيد إلى أنه في خدمة العملاء مثلا، تجيب الروبوتات عن الأسئلة السهلة، بينما يركز الموظف على حل المشكلات الكبرى وبناء علاقات أقوى مع العملاء، مشيراً إلى أن الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي أوجد وظائف جديدة لم تكن موجودة من قبل، مثل تحليل البيانات وتطوير الحلول بذكاء، وهو ما يثبت أن دوره لا ينحصر في الاستبدال بل في التوسع والابتكار.

وأضاف: «باختصار، الذكاء الاصطناعي ليس خصماً للإنسان بل شريك له، ومن يحسن استخدامه سيكتشف أنه وسيلة لتطوير قدراته لا تهديداً لها، وما يعزز ذلك تجربة البشر مع أجهزة الكمبيوتر التي صاحب ظهورها والاعتماد عليها مخاوف مشابهة، لكن التجربة العملية أثبتت إفادتها وتطويرها لمهارات البشر، وتم تطويعها في فتح مجالات وظيفية جديدة لم تكن معروفة».

بنية أساسية

في السياق ذاته، قال خبير تقنية المعلومات الدكتور أنور الحربي، لـ«الراي»، إن استخدام الذكاء الاصطناعي لم يعد تجريبياً، بل أصبح جزءاً من البنية الأساسية للاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أنه حتى الآن ينظر إلى هذه التقنية بأنها مكملة ومساندة للبشر في وظائفهم، وليست بديلاً كاملاً عنهم.

وبينما ستكون وظائف إدخال البيانات، وخدمات العملاء الروتينية، وبعض وظائف الدعم الإداري، وأعمال التصنيع المتكررة «الأكثر عرضة للاستبدال، يتوقع أن تخلق تقنيات الذكاء الاصطناعي 69 مليون وظيفة جديدة لا سيما في تحليل البيانات، والأمن السيبراني وتطويره، فيما يرتقب أن تكون المهن الإبداعية، والأطباء، والمعلمون، والوظائف التي تعتمد على المهارات الإنسانية كالقيادة والتفاوض أقل عرضة للاستبدال.

الأجهزة الذكية

واستناداً إلى تقارير دولية، أشار الحربي إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي، أن يضيف بين 2.6 إلى 4.4 تريليون دولار سنوياً إلى الاقتصاد العالمي، كما يمكن أن يسهم بـ15.7 تريليون في الناتج المحلي الإجمالي العالمين بحلول 2030، مضيفاً أن أكثر من 77 % من الأجهزة الذكية، باتت تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، مثل المساعدات الصوتية وخدمات التوصية، لاسيما في قطاع الصحة، ما سرع تشخيص الأمراض 30 % مقابل الطرق التقليدية. وبيّن الحربي أن 35 % من الشركات حول العالم تستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر في عملياتها، وأن 42 % تستكشف تطبيقاته حالياً.

بدورها، لفتت خبيرة تقنية المعلومات شروق الصايغ، لـ «الراي»، إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي سيشمل الوظائف الحكومية في الكويت، لكن بشكل مقنن، مضيفة أن الأمن السيبراني والفلاتر في الشبكة الخاصة بهذه الجهات تسهم بتقنين استخدامات برامج الذكاء، وأن بعض الجهات ومنها التعليمية لا تسمح ببعض الخدمات.

وذكرت الصايغ، أن خدمات الذكاء الاصطناعي تعتبر مفيدة جداً للإنسان، ويمكن أن يتحكم بها وفق رغباته واتجاهات عمله.