كلمة صدق

البنوك والمتقاعدون

26 أغسطس 2025 11:00 م

بعض هموم المتقاعدين قد لا يفهمها من هو ليس في وضعهم، فلا يؤلم الجرح إلا من به ألم، لكن أصبح من الواضح تمايز تعامل بنك لآخر مع شريحة المتقاعدين، وتمايز بعض البنوك في التعامل مع هذه الشريحة مقارنة بالشرائح الأخرى من العملاء.

إذا أضفنا لهموم المتقاعدين المالية -وهُم شريحة وطنية مهمة، بذلت شبابها وطاقاتها في العمل لتطوير البلاد وبنائها- هموم الغلاء المستمر، هموم الصحة وطوابير الانتظار في المستشفيات خصوصاً في العيادات التخصصية وأمام مواعيد الأشعات الدقيقة من مقطعية ومغناطيسية وغيرها من الفحوصات، أو تحمل تكاليف العلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة، خصوصاً بعد إلغاء خدمة كرت «عافية».

وهموم المتقاعد مع بعض قوانين التأمينات الاجتماعية التي تكبله في السماح بالاستفادة من خبراته ولو بعمل جزئي ومكافأة خصوصاً، إلا بالتخلي عن معاشه التقاعدي مقابل هذه المكافأة البسيطة وإن كان العمل أستاذاً أكاديمياً منتدباً بدوام جزئي.

بعض البنوك تهتم بالمتقاعدين وتعتبرهم شريحة وطنية تستحق الاهتمام... البعض الآخر لا يفعل من ناحية المعاملات، وأحياناً بتجربة بعض الأشخاص من ناحية التعامل أيضاً، كثير من المتقاعدين أقرب أن يكونوا من كبار في السن، فيحتاجون خدمات مميزة أكثر، بدل ذلك تقوم بعض البنوك بسلب هذه الميزة منهم، فمع تقاعدهم وانخفاض رواتبهم -وإن كانوا سابقا مدراء ومسؤولين- تقوم بعض البنوك باستبدال بطاقاتهم البنكية وإعطائهم بطاقات بمميزات أقل ولو بالتعامل والأشياء الشكلية، مما ينتقص من هذه الشريحة من العملاء معنوياً، وخدمياً. ذلك بدل أن يكون لهذه الشريحة الوطنية معاملة خاصة، خصوصاً إن كان عميلاً قديماً في هذا البنك أو ذاك!

في تقرير صحافي نشر في صحيفة «الراي» في أكتوبر 2024، أشار إلى أن بعض البنوك لا يمكن لها بناء إستراتيجيات طويلة الأجل مع شريحة المتقاعدين، بخلاف العملاء الشباب الذين يمكن معهم وضع خطط تمويلية ابتداء من السيارة مروراً بالقرض السكني، وانتهاء بالصرف الكبير المفترض في البطاقات الائتمانية، على عكس المتقاعدين خصوصاً كبار السن منهم الذين لا يمكن معهم بناء خطط تمويلية طويلة الأجل باستثناء القروض الاستهلاكية التي لا تتجاوز السنوات الخمس كما أشار التقرير نفسه.

طبعاً، ليس المطلوب من البنوك، ألا تميز ضد المتقاعدين، بل المطلوب منها أن تميزهم باعتبارهم فئة بذلت وأعطت، وباعتبارها فئة من المواطنين، وكثير منهم من كبار السن، أو في الاتجاه القريب لذلك، فيجب أعطاؤهم امتيازات في المعاملة المميزة وفي التساهل في القروض ومدد التسديد، حتى وإن كانت حساباتهم ليس فيها أصفار كثيرة على اليمين.

صحيح أن البنوك هي مركز المال والمادة، لكن لا يخلو شيء من الروح، شيء من روح العطاء والأثرة والاهتمام بالأكبر سناً، هذه الروح التي تميز المجتمع الكويتي، فمن دون هذه الروح تفقد أي مؤسسة رونقها وحيوتها، ومنها البنوك!