عقول تُهاجر... وأبواب تُغلق (2) قصة طبيب... قرار بسيط يبعد العقول!

14 أغسطس 2025 09:30 م

قد يتساءل البعض، لماذا يأتي هذا الوافد، فقيراً كان أم غنياً، إلى الكويت ويجلب أسرته كاملةً معه؟ وما حاجة الكويت لهؤلاء؟ ماذا سيضيفون لها؟ هل الأسرة عبء أم حاجة إنسانية؟

بعد الجائحة، كان أحد المستشفيات الخاصة يبحث عن أطباء، في مختلف التخصصات، وكانت المقابلات تجرى عن طريق برامج الأونلاين، توفيراً للجهد والمال.

كان أحد المتقدمين طبيباً آسيوي الأصل، أميركي الجنسية، يمتلك كفاءة عالية، ومتخرج في أفضل جامعاتها، ويريد الهجرة إلى دول الخليج، وجاءه عرضٌ من الكويت.

كان راتبه في أميركا مرتفعاً، لكن المستشفى رأى أن المبْلغ مُبالغ فيه، رغم حاجتها الماسة إليه، فأبلغته بأنها لا تستطيع أن تدفع له هذا المبلغ.

لم يعترض، بل أبدى استعداده للتنازل عن جزء من راتبه مقابل العيش في الكويت، لم يكن المال هاجسه! بل جودة الحياة واستقرارها. فليس صحيحاً أن كل وافد يخرج من بلده بسبب الفقر؛ بل الكثير منهم يبحث عن بيئة أسرية سليمة، وأخلاقية، تحفظ لأبنائه التوازن، في ظل عالم بات يضج بالاضطراب، والانحلال، والعنصرية.

لقد رأى الطبيب في دول الخليج بيئة أكثر محافظة من الغرب، والذي انتشر فيه الانحلال الأخلاقي، وزادت فيه معدلات الجريمة، والإدمان، وأصبح الكيان الأُسري فيه هشاً، لدرجة عزل الطفل عن والديه!

انتهت اللجنة إلى عرضٍ مخفض، تم فيه خفض الراتب بنسبة 30 في المئة! ووافق الطبيب، فرحت اللجنة، وزغردت الممرضات. لكن الطبيب شرط شرطاً واحداً: أن يرافقه والداه.

المميز يَشترِط ولا يُشترَط عليه، كان والداه قد تخطيا السبعين عاماً، ولا يملكان في هذه الدنيا سوى هذا الابن. وبراً بهما، لن يتركهما.

كان هذا في بدايات عام 2021، وفي ذلك الوقت، كان قرار منع دخول كل من تجاوزوا الستين عاماً قد دخل حيز التنفيذ؛ وهو القرار الذي وصف لاحقاً بـ«السبة»؛ لما سببه من خروج الكفاءات، وانكماش في القطاعات، حتى برزت أزمة الخياطين، كمثال بسيط.

أُحرجت اللجنة، واعتذرت بأدب، فهذا خارج إرادتها.

لم ييأس الطبيب، فبعد أقل من شهر تعاقد مع مستشفى في دولة خليجية وبعرضٍ أفضل... ومع والديه.

ختاماً:

إن أردنا أن نجذب العقول، لا أن نُبعدها، فلابد أن نفهم أن من نُريدهم هنا... لا يأتون وحدهم!