ألوان

من القاهرة (3 من 4)

12 أغسطس 2025 10:00 م

أحلى أوقاتي تلك التي أقضيها في جمهورية مصر العربية الحبيبة، سواء في العاصمة القاهرة أو في الإسكندرية أو بورسعيد والفيوم، وفي بقية المدن المصرية التي زرت معظمها عبر تلك السنوات.

وأجمل ما أستمتع به في القاهرة، أنني التقي بمجموعة من الإخوة العرب؛ حيث نجتمع ونحن ننتمي إلى دول عدة، إضافة إلى أن طبيعة عملنا مختلفة، لكن يجمعنا حب مصر وأهلها، إضافة إلى حب عاصمتها القاهرة الحبيبة.

وكانت هناك إشادة كبيرة بالتطور الكبير الذي بات واضحاً للعيان، مثل العاصمة الإدارية الجديدة التي تحاكي أحدث العواصم العالمية، إضافة إلى تشييد الكثير من الجسور والقطارات الحديثة ومشاريع التنمية لمواكبة زيادة سكان مصر في القاهرة أو في بقية المدن الرئيسية.

ورغم زيادة الازدحامات الخانقة وارتفاع حرارة الطقس هذا الصيف، إلا أن إيقاع الحياة في الشارع المصري وروح الدعابة ودماثة خلق الحضور، كان نسيماً عليلاً يُغلّف أمسياتنا الصيفية، في أكثر من مكان في القاهرة.

ودار حديث شائق عن حلم تكامل الوطن العربي، لطالما أن الشعوب العربية متضامنة، بيد أن التحديات الداخلية والخارجية تقف أمام تحقيق مثل هذه الأمنية التي لطالما حلمنا بها عبر أكثر من جيل.

واتفقنا جميعاً على أن هذا الحلم لن يتحقق ما دامت مصر تمر بظروف صعبة، لأنها خيمة العرب الكبرى ومن دونها لا يمكن التعامل مع كل التحديات التي تواجه الدول العربية، من موريتانيا إلى سلطنة عُمان.

ولا يمكن تجاهل مكانة مصر ودورها في تحقيق حلم التنوير العربي منذ القرن الثامن عشر، ومازالت تمد الدول العربية بالكفاءات في كل المجالات لتحقيق التنمية المستدامة.

وتناولنا حلم التعاون الثقافي العربي، خصوصاً أن دول المغرب العربي لا تجد تواصلاً مقنعاً مع دول المشرق العربي، إلا بين النخبة وبعض وسائل الإعلام التي تقوم بجهود لتعريف الجمهور العربي بمعطيات الثقافة العربية.

واتفقنا جميعاً على أن القاهرة هي العاصمة العربية المثلى للقيام بدور فاعل في دعم عجلة التعريف الثقافي بين المبدع العربي وبين الجمهور العربي في المشرق والمغرب العربي... ولطالما سبق أن قامت القاهرة بهذا الدور ومازالت تقوم به عبر عقود من الزمن.

وطالبنا جميعاً بوجود مركز عربي ينظم معرضاً دائماً للكتاب العربي، إضافة إلى تنظيم أمسيات شعرية وقصصية ومعارض للفن التشكيلي على أن تقوم الجامعة العربية بالتصدي لتلك المهمة، مادامت أنها الجهة المثلى للقيام بتنفيذ تلك المشاريع الثقافية.

ولطالما امتلكت مصر القوى الناعمة الخاصة بها، بدءاً بالأفلام والمسرحيات مروراً بالأغاني، وانتهاء بالإبداعات الثقافية وبالجالية المصرية التي تعمل في معظم الدول العربية، وبالتالي فإن اللهجة المصرية وروح الدعابة حاضرة في حياتنا بشكل شبه يومي؛ الأمر الذي جعل حضورنا إلى القاهرة، إنما هو إحساس بأننا في بلادنا وبين أهلنا.

وشدد صديقنا الخليجي على أصالة الشعب المصري، الذي احتضن مجموعة كبيرة من السوريين والسودانيين واليمنيين إبان الأحداث المؤسفة في بلادهم.

ولم ننس القضية الفلسطينية وأبعادها وأثرها على الشارع العربي والغربي معاً، حيث إن تفاصيل كثيرة كانت ومازالت لها الأولوية في ضمير الإنسان العربي المتضامن مع الشعب الفلسطيني بشكل عام ومع قطاع غزة بشكل خاص.

وطالب الكثيرون منا بضرورة زيادة مساحة الزراعة، وتطوير صناعة السياحة، فهي تمتلك الكثير من مقوماتها، كي تصبح مصر أحد أكثر الدول استقطاباً... فهي قادرة على استيعاب نصف مليار سائح سنوياً، لما تمتلك من تنوع في التضاريس وفي البيئات المختلفة، من سواحل على البحر المتوسط وعلى البحر الأحمر ومنتجعات وصحارى وقرى بكر محافظة على طبيعتها، وآثار كثيرة تنتمي إلى أكثر من حقبة وحضارة احتضنتها الأرض المصرية...

همسة:

لا يمكن تخيل الوطن العربي من دون النكهة المصرية في كل شيء!