«عميد الفن الخليجي» وُوري الثرى في «الصليبيخات» عن 95 عاماً

محمد المنيع... فارس من «فرسان المناخ» يترجّل

9 أغسطس 2025 09:30 م

- «شادي الخليج»: قدّم التراث بصورة مُشرّفة
- العيدروسي: أعطى الكثير... و«اللي خلّف ما مات»
- جاسم النبهان: حاضر بفنه... في كل الأزمات
- عبدالرحمن العقل: كان خلوقاً ومحباً
- أنور عبدالله: عاش هادئاً ورحَلَ بهدوء
- عبدالعزيز المسلم: فقدنا برحيله قامة فنية وإنسانية
- نبيل الفيلكاوي: رمزٌ فني وقيمة تاريخية

وُوري «عميد الفنانين الخليجيين» الفنان القدير محمد المنيع الثرى، مساء اليوم، في مقبرة الصليبيخات عن 95 عاماً، ليترجّل برحيله فارس من «فرسان المناخ»، مودعاً مشهد الحياة، بذكرى طيبة وبصمات راسخة، تركها في مدرسة الفن الخالد كدروسٍ مجانية لأجيال قادمة.

وأسهم المنيع خلال مسيرته الفنية التي تمتد لستة عقود بتأسيس المسرحَيْن الشعبي والكويتي، كما رَوَى ساحات الفن بغزارة، من عطاءاته الفنية والإنسانية.

وفيما نعى وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري الفنان القدير بجزل الكلمات، استذكر عدد من الفنانين عبر «الراي»، مآثر ومناقب رفيق دربهم، مُعبّرين عن حزنهم بوفاة مَنْ وصفوه بـ «الأخ العود».

«مسيرة مضيئة»

في البداية، استذكر رئيس مجلس إدارة «جمعية الفنانين الكويتيين» الفنان القدير عبدالعزيز المفرج «شادي الخليج» مآثر المنيع، موضحاً أنه من الفنانين الكبار، الذين جسدوا في أدوارهم أسمى معاني الأبوة الصادقة، كما قدم التراث بصورة مشرّفة، وحرص في أعماله على التمسك بالعادات والتقاليد التي جُبل عليها أهل الكويت، لكي ينقلها إلى الأجيال المتعاقبة.

وذكر «شادي الخليج» أن الراحل يعد أحد أعمدة الفن في الكويت والخليج، وصاحب مسيرة مضيئة في تاريخ الدراما، كما أنه من الفنانين المخضرمين، لكونه عاصر الأجيال السابقة والجيل الحالي، فغرس الحب الكبير في قلوب الجميع.

«أعطى الكثير»

أما الفنان محمد جابر العيدروسي، الذي يخضع حالياً للعلاج في الخارج، فقد أبدى خلال مهاتفته، أسفه الشديد على رحيل صديقه ورفيق دربه الفنان محمد المنيع، مسترجعاً العديد من الأعمال التي جمعتهما معاً.

وقال العيدروسي «(اللي خلّف ما مات، واللي أعطى من جهده ووقته وصحته للفن الكويتي، فلن ينساه الجمهور، مثلما لن ننساه نحن الذين عاصرناه ورافقناه لسنواتٍ طوال)».

وختم بالقول «إنا لله وإنا إليه راجعون... رحم الله الفنان المنيع، وغفر له وأسكنه فسيح جناته».

«حاضر بفنه»

وعبّر الفنان القدير جاسم النبهان عن حزنه برحيل مَنْ وَصَفهُ برفيق الدرب، مؤكداً أن الراحل يُمثل جيلاً لوحده، من العطاء والإخلاص والتفاني لوطنه ومجتمعه، كما أعطى من سنوات عمره الكثير من أجل الفن الكويتي والخليجي.

وأكمل «أيضاً، يعد المنيع من مؤسسي المسرح الشعبي والمسرح الكويتي. ففي كل أزمة مرّت بها الكويت كان حاضراً في فنه، إذ قدم الكثير من الأعمال الخالدة، والأدوار المهمة، التي جسّد في بعضها دور الأب الناصح فكان المُلهم للأجيال».

وأضاف النبهان «على الصعيد الشخصي، تربطني بالراحل علاقة تتعدى الزمالة بمراحل كثيرة، فأنا أعتبره (الأخ العود) الذي تعلمت منه الشيء الكثير على الصعيدين الشخصي والفني... رحم الله الفنان محمد المنيع، وأسكنه فسيح جناته».

«لم يُقصّر»

من جانبه، لم يُخفِ الفنان عبدالرحمن العقل حزنه برحيل المنيع، قائلاً: «عسى مثواه الجنة. لقد ترك أثراً كبيراً وبصمات مؤثرة من أجل الكويت والفن الكويتي، إذ عاش حياته خلوقاً، ومحباً لكل من حوله، بالإضافة إلى أنه كان مبدعاً بأعماله».

وأضاف «لم يُقصّر في عطائه، بل كان سخياً في كل ما قدمه، وستبقى أعماله راسخة في أذهان الأجيال التي عاصرت مسيرته، وحتى الأجيال القادمة، لأن ذكراه الطيبة خالدة في وجداننا، حتى وإن رحلَ عنّا إلى الدار الآخرة، نسأل الله أن يسكنه الجنة».

«الفنان الهادئ»

في غضون ذلك، قال الملحن أنور عبدالله إن المنيع عاش حياته هادئاً ورحَلَ بهدوء، غير أن أعماله الدرامية والمسرحية ستبقى شاهدة على فخامة ما قدمه من أدوار مهمة، تحث الأبناء على الخير وحب الآخرين، «خصوصاً وأنه قدّم العديد من الشخصيات التي تشكّل قدوة طيبة، لأجيال تربّت على فنه، وعشقت ظهوره المحبب على شاشة التلفزيون أو على خشبات المسارح».

«قامة فنية وإنسانية»

في السياق ذاته، قال الفنان الدكتور عبدالعزيز المسلم: «ببالغ الحزن، أنعي إلى الوسط الفني والإنساني رحيل الفنان الكبير محمد المنيع، أحد مؤسسي المسرح الكويتي، الذي تشرفت بمجالسته منذ طفولتي في رحاب المسرح، ورافقته في رحلات إنسانية وإغاثية، حيث كان – رغم تقدمه في السن ومعاناته مع المرض – يبذل جهده ويؤدي رسالته بكل إخلاص وتفانٍ. فقدنا برحيله قامة فنية وإنسانية، وأسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته».

«رمز فني»

من ناحيته، نعى نقيب الفنانين والإعلاميين الكويتيين الدكتور نبيل الفيلكاوي الفنان محمد المنيع، حيث قال: «باسم نقابة الفنانين والإعلاميين ننعي أبانا الراحل محمد المنيع، رحمه الله وغفر له، وأسكنه الجنة مع الأبرار والصديقين إن شاء الله يابو القلب الطيب والروح الحلوة».

وزاد الفيلكاوي «كان الراحل رمزاً فنياً وقامة تاريخية، ورائداً من روّاد الفن الخليجي، وله إسهامات كبيرة في توثيق حقبات تاريخية مرّت على الكويت من خلال أعماله الخالدة في سماء الإبداع الكويتي».

«الإعلام»: تميز بوفائه لمهنته وجمهوره

نعت وزارة الإعلام الفنان القدير محمد المنيع الذي وافته المنية بعد مسيرة فنية وإنسانية حافلة بالعطاء امتدت لأكثر من ستة عقود في خدمة الفن والثقافة في دولة الكويت.

ونقلت وزارة الإعلام في بيان صحافي تعازي وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري والعاملين في الوزارة إلى أسرة الفقيد وذويه، مستذكرة بكل التقدير ما قدمه من إسهامات كبيرة أثرت الساحة الفنية الكويتية والخليجية وجعلته أحد روادها الأوائل.

وأشارت الوزارة إلى أن الراحل بدأ مسيرته الفنية بانضمامه إلى فرقة المسرح الشعبي وأسهم في تأسيس فرقة المسرح الكويتي وشارك في عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية التي لامست قضايا المجتمع بروح صادقة وأداء متميز.

وأضافت أن الفنان المنيع تميز بحضوره المؤثر وأسلوبه العفوي ووفائه لمهنته وجمهوره، فكان مثالاً للفنان المخلص الذي جمع بين الموهبة والالتزام وترك بصمة لا تنسى في ذاكرة الفن الكويتي والخليجي.

وتقدمت الوزارة بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرته الكريمة وذويه وإلى الأسرة الفنية في الكويت والخليج، سائلةً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.

... «الرائد»

قال الفنان جمال اللهو إن الراحل يعد من أهم روّاد الفن الكويتي، مشيراً إلى أنه تشرّف بتأليف كتاب له قبل رحيله بعنوان «الرائد»، مبيناً أن فكرة الكتاب جاءت من قبل أبنائه، الذين كان في ودهم أن يكون لوالدهم كتاب يحمل اسمه وسيرته ليفرح به.

يُذكر أن كتاب «الرائد... محمد المنيع» صدر أخيراً ضمن احتفالية «الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي 2025» وهو مكوّن من 400 صفحة، ويتضمن ذكريات المنيع وسيرته منذ الولادة، مروراً بتأسيس فرقة المسرح الكويتي، إضافة إلى أصدقائه ومن زامله. كما يشمل فصلاً عن الهوايات كالرياضة والحداق، وفصلاً للأعمال المسرحية والسينمائية والأوبريتات وآخر للجوائز والدروع.

«أثرى الساحة بعطائه»

قال رئيس الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني والمسرحي وصُنّاع الترفيه الإعلامي والمحامي خالد الراشد، إن الحركة الفنية في الكويت، «شيّعت أحد فرسانها الفنان القديرالعم محمد المنيع، الذي أثرى الساحة الفنية بعطائه على مدى عقود وكان مثالاً للفنان المخلص لفنه ولجمهوره ورسالة فنه».

«حرب البسوس»... المحطة الأولى

ولد الراحل في القبلة في الأول من شهر يونيو العام 1930 قرب «مسجد ملا صالح» و«مسجد عيسى الشرف»، ودرس في المدرسة الأحمدية.

كان من محبي التمثيل، ووقتها كان التمثيل مادة أساسية، وكان له نشاط بارز بين الأنشطة الأخرى، وكانت بداية اهتمامه به عندما كان طالباً في «المدرسة القبلية».

وتعد مسرحية «حرب البسوس» أولى محطاته الفنية، إذ شهدت وقوفه للمرة الأولى على خشبة المسرح المدرسي، كما لقي التشجيع من ناظر المدرسة عبدالملك الصالح الذي قام بإخراج المسرحية، وبعد أن شاهده الفنان محمد النشمي في هذا العمل شجعه ونصحه بأن يواصل التمثيل وأن يعمل على صقل موهبته، خصوصاً في دور الأب والجد، فانضم في عام 1956 إلى «فرقة المسرح الشعبي»، وفي العام 1964 اختير عضواً في اللجنة الإدارية والمالية بالفرقة. وفي العام ذاته قام مع عدد من الفنانين بتأسيس «فرقة المسرح الكويتي».

وأثرى المنيع المكتبة الفنية بالعديد من الأعمال الدرامية والمسرحية وفي السينما.

ومن أبرز المسلسلات التي شارك بها «الإبريق المكسور»، «دنيا الدنانير»، «أبلة منيرة»، «بدر الزمان»، «الطماعون»، «ديوان السبيل» و«عبرة شارع»، في حين كان مسلسل «زمن الإمبراطور» آخر عمل شارك به.

وفي المسرح، كان أبرز ما قدم «على جناح التبريزي»، «فرسان المناخ» و«السندباد».

أما في السينما، فشارك في «بس يا بحر» و«أوراق الخريف» و«ليلة القبض على الوزير».