لأن «ما كُتب قد كُتب» بالنسبة إلى لبنان الرسمي وقراره الذي «لا رجوع عنه» في ما خص حصْر السلاح بيد الدولة، حدَث ما كان في الحِسبان وانسحب وزراء الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة «أمل»، من الجلسة التي عقدتْها الحكومة أمس وخصصت لمناقشة ورقة الموفد الأميركي توماس براك والتي تُعتبر بمثابة «الإطار الناظم» لمعالجة «مستدامة» تشمل مسألة سلاح الحزب وانسحاب اسرائيل وترسيم الحدود معها وتنظيم العلاقة مع دمشق (بما في ذلك تحديد الحدود).
وبعد أكثر من 3 ساعات طبعتْها «شحنات سلبية» للغاية تُرجمت مشاحناتٍ على خلفية محاولة وزراء «حزب الله» وأمل الثلاثة (بعد غاب الوزير الرابع ياسين جابر بداعي السفر) «تصفير» عدّاد سحْب السلاح قبل نهاية السنة، كما قرر مجلس الوزراء في جلسة الثلاثاء مكلّفاً الجيش بإعداد خطة تطبيقية لتحقيق ذلك وعرْضها على الحكومة بحلول 31 أغسطس، انسحب ثلاثي الثنائي الشيعي (تمارا الزين ومحمد حيدر وركان ناصر الدين)، وتضامن معهم الوزير الشيعي المستقلّ فادي مكي، لتبدو السلطة التنفيذية في مواجهةِ اختبارٍ هو الأدقّ منذ ولادتها قبل نحو 6 أشهر ويعكس واقعياً المنعطف الذي تقف أمامه البلاد.
وأعطى لبنان الرسمي، بإصرار رئيسيْ الجمهورية العماد جوزاف عون والحكومة نواف سلام، على المضيّ بالجلسة بمَن حضر ولنحو نصف ساعة وإقرار الأهداف - المبادىء الـ 11 الواردة في الصفحة الأولى من مقترح براك، إشارةً واضحة إلى عزمه على «حماية» قراره التاريخي ورفْضه أي اتجاهات تضغط لوقف «عقارب الساعة»، عبر محاولة وزراء الثنائي «حظر» مناقشة الورقة الأميركية، التي وصفها حزب الله بأنه «اسرائيلية» والتي تشكّل عملياً مرتكزاً لقرار 5 أغسطس الذي كان بمثابة «رصاصة انطلاق» المَسار التنفيذي للمقترح الشامل الذي ينطوي على 4 مراحل موزَّعة على 120 يوماً لحصر السلاح وضمان انسحاب اسرائيل ومتمماتهما.
ورفض وزراء الثنائي الشيعي أكثر من محاولةٍ توفيقية، بينها الركون إلى إقرار الأهداف الـ 11، وترْك مناقشة التفاصيل لجلسات لاحقة، وأصرّ «الثلاثي» على أن يتم أولاً تثبيت وقف النار وتأجيل النقاش في المقترح حتى تقديم الجيش خطته في 31 أغسطس، وهو ما قابله عون وسلام باعتراضٍ على قاعدة «الوقت يدهم».
ورغم تأكيد الوزير حيدر، أن الانسحاب كان من الجلسة وليس من الحكومة و«وأردنا أن نسهّل عليهم ما يريدون القيام به إذا أصروا على المضيّ بهذا المسار»، فإن مجريات النهار اللبناني العصيب كان يشي بتراكُمِ غيوم أزمةٍ متعدّدة الطبقة يُخشى أن تتفاعل في الشارع، وسط «هجوم معاكِس» سياسي استباقي شنّه «حزب الله» قبل اجتماع مجلس الوزراء وآزرتْه فيه إيران مباشرةً، في مؤشر إلى حراجة اللحظة التي ينزلق فيها محور الممانعة والحزب من حَرج إلى آخر بإزاء تعزيز لبنان حضور الدولة ومرجعيّتها وبدء استعادة الثقة الخارجية بها.
وقبيل الجلسة التي سَبَقَها «حبْسُ أنفاس» حقيقي بعدما أوحى الثنائي الشيعي بأنها «الفرصة الأخيرة» للدولة للتراجع عن قرار حصْر السلاح ومراجعة هذا المَسار «الاستسلامي»، ارتسم مشهد داخلي اقليمي شديد التعقيد عبّر واقعياً عن «رقعة الشطرنج» التي يتحرّك عليها الوضع اللبناني وبلوغه عملياً مرحلة «أبيض أو أسود». وأبرز معالمه:
... «إنزال» إيراني
- أولاً دخول إيران وبـ «مكبّرات الصوت»، بلسان وزير خارجيتها عباس عراقجي ومساعد قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري لشؤون التنسيق العميد ايرج مسجدي، على خطّ «إسنادِ» حزب الله في «معركة الدفاع عن السلاح» التي كان الحزب أطلق نفيرَها بإعلانه أن قرار الحكومة بحصر السلاح بيدها «خطيئة كبيرة» وسيتعامل معه «وكأنه غير موجود».
وفي الوقت الذي كان «عصيانُ» حزب الله القرار الحكومي يُربط باعتباراتٍ تتّصل بالمواجهة التي لم توقِفْها اسرائيل معه وإعلائه بإزائها أولوية إلزام تل ابيب بتطبيق اتفاق وقف النار (27 نوفمبر)، إلى جانب صعوبة تَصَوُّر مقاربة ملف السلاح «دون مقابل» يعتبر خصومه أنه يريده في «النظام» وتوازناته، جاء الدعم من إيران – الدولة والثورة لذراعها الأبرز والأقدم بمثابة تظهيرٍ نافِرٍ للبُعد الإقليمي للحزب ووظيفته كخطّ دفاعٍ عن طهران، هو الذي كان حتى عشية «طوفان الأقصى» الحلقة «الذهبية» في «قوس النفوذ» الإيراني المترامي حتى لبنان مروراً بالعراق وسورية.
ولم يكن ممكناً قراءة كلام عراقجي ومسجدي، وفق أوساط سياسية، إلا على أنه بمثابة استدراجٍ لواشنطن للحديث مع «الأصيل» عن «الوكيل» في غمرة عدم خروج الجمهورية الإسلامية بعد من «الوضعية الدفاعية» التي أُكرهت على أن تَدخلها هي نفسها منذ أن طوتْ اسرائيل والولايات المتحدة بالنار مرحلةَ «الحرب بالوكالة» معها، وصولاً إلى مواجهتها تحدي وقوف وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي على شفا «الضغط على زناد» (سناب باك) معاودة تفعيل عقوبات الأمم المتحدة على طهران (بين نهاية الشهر ومنتصف سبتمبر) إذا لم يتحقّق تقدم في مسار التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.
وقد اعتبر عراقجي أن "خطة نزع سلاح حزب الله ستفشل"، مؤكداً «ندعم الحزب في رفضه مساعي نزع سلاحه ومن دون تدخّل»، وأضاف ان «السعي لنزع سلاح حزب الله ليس موضوعاً جديداً، فقد جرت محاولات مماثلة في السابق، وأسبابها معروفة، إذ أثبت سلاح المقاومة فعاليته للجميع في ساحة المعركة».
وتابع «الآن يعتقدون أنهم يستطيعون نزع سلاح حزب الله، لكن موقف الامين العام للحزب أظهر أنهم وقفوا بقوة ولديهم موقف قوي، وحتى حركة أمل لديها موقف قوي. الشيعة في لبنان ما زالوا في ذروة قوتهم. وقد أعاد حزب الله تنظيم نفسه ونُشرت قواته في الميدان، وعُيّن قادته وهو يتمتع بالقوة للدفاع عن نفسه. والقرار النهائي بشأن الخطوات المقبلة، هو بيد حزب الله نفسه، وإيران، بوصفها جهة داعمة، تسانده من دون أي تدخّل في قراراته».
أما مساعد قائد «فيلق القدس» لشؤون التنسيق، فأعلن أنّ «مشروع نزع سلاح حزب الله في لبنان هو مخطط فاشل من أميركا والنظام الصهيوني، لكن هذا الحلم سيُدفن معهم». وقال إنّ «سلاح المقاومة هو سلاح الشعب اللبناني للدفاع عن أرضه، وهذا المشروع لن يُثمر لا في مجلس الدفاع اللبناني ولا في أي ساحة أخرى»، لافتاً إلى أنّ «قوى المقاومة دائماً مستعدة ومجهزة، والجمهورية الإسلامية الإيرانية كذلك جاهزة تماماَ لأي سيناريو محتمل».
لبنان «يصفّح» ولا يَصفح
- ثانياً محاولة لبنان الرسمي تثبيت «الاستحكامات السياسية» لقرار حصر السلاح، الذي بدت معه الدولة وللمرة الأولى وكأنها تحاول محو مفاعيل عقود من التخلّي عن سيادتها أو امتهانها بقوة الأمر الواقع والحروب المتناسلة ولا سيما منذ اتفاق القاهرة (1969).
وقد سعت الدولة لـ «تصفيح» قرار 5 اغسطس التاريخي الذي كَلفت بموجبه الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية بحلول 31 الشهر الجاري لحصْر السلاح بيد الدولة قبل نهاية 2025، عبر تأكيد أن لا عودة عن هذا القرار، وأن أي «حركة تصحيحية» يريد الثنائي الشيعي فرْضها لا يمكن أن تكون من «جيْب» الثقة التي بدأت تعود بلبنان خارجياً، وأن الهوامش المتاحة لا تتجاوز جوانب تتصل بمحاولة إحاطة ورقة براك بما أمكن من ضمانات أو تعهدات أو تطمينات تفرضها طبيعتها في ذاتها لجهة كونها بمثابة اتفاق متعدد الطرف بفعل اشتمال المفترح على لبنان واسرائيل وسورية، إلى جانب كون الولايات المتحدة وفرنسا عرّابتين لاتفاق وقف النار والعربتين اللتين تدفعان بـ «مراسيمه التطبيقية» عبر طرح براك.
وركّز لبنان الرسمي اهتمامه على تثبيت عون «الدفاعات» حول قرار سحب السلاح في موازاة «هجوم مضاد» على عراقجي من وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي.
وقد أكد عون لقناتي «العربية - الحدث"، أن «حصرية السلاح ستتحقق رغم الصعوبات والعوائق»، مضيفاً أن السلطات اللبنانية تنتظر «خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح لمناقشتها وإقرارها».
ولفت الى أن جلسة الحكومة (امس) «ستستكمل اتخاذ القرارات المنتظرة بشأن حصرية السلاح»، كما أكد مضيه «على قدم وساق» نحو «تنفيذ مندرجات خطاب القسم والبيان الوزاري».
وإذ أكد أن «التنفيذ اللبناني للورقة الأميركية يتطلب أيضاً موافقة من سوريا وإسرائيل مع ضمانات أميركية وفرنسية»، شدد على أن «تحقيق حصرية السلاح بيد الدولة لا يخلّ بحقوق لبنان وسيادته»، في موازاة كلامه عبر «سكاي نيوز» عن أن «عملية حصر السلاح بيد الدولة قد تأخذ وقتاً».
أما الخارجية اللبنانية فأعلنت أن تصريحات عراقجي «والتي تناول فيها مسائل لبنانية داخلية لا تعني الجمهورية الإسلامية بأي شكل، مرفوضةٌ ومدانة وتشكّل مساساً بسيادة لبنان ووحدته واستقراره، وتعدّ تدخلاً في شؤونه الداخلية وقراراته السيادية».
وذكرت في بيان «ان العلاقات بين الدول لا تُبنى الا على أساس الاحترام المتبادل والندّية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والالتزام الكامل بقرارات المؤسسات الدستورية الشرعية. ومن غير المقبول على الإطلاق أن توظّف هذه العلاقات لتشجيع أو دعم أطراف داخلية خارج إطار الدولة اللبنانية ومؤسساتها وعلى حسابها».
المجتمع الدولي... «ثقة»
- وثالثاً تَبَلْور مناخاتِ ارتياحٍ دولي بإزاء بدء الدولة اللبنانية خطوات في طريق الاصلاح الاقتصادي وحصر السلاح، مع حضّ على عدم التراجع عن هذا المسار وتقارير عن نية لتفعيل الوعود بمؤتمر دعم للبنان وإطلاق تحضيرات لها.
وفي الإطار، نُقل عن براك، الذي بات مرجحاً ألا يعود إلى بيروت وأن مهمته صارتْ شبه منتهية، قوله خلال جلسةٍ مغلقةٍ مع مجموعةٍ من الصحافيين في العاصمة الأميركيّة أنّ «دول الخليج أبلغت واشنطن استعدادها للمساهمة في إنشاء منطقة صناعيّة في الجنوب اللبنانيّ وتمويل عمليات إعادة الإعمار وخلق فرص عمل، شرط أنّ تتخذ بيروت خطواتٍ محدّدة في الملف الأمنيّ»، في إشارةٍ ضمنية إلى حصر السلاح بيدّ الدولة.
وإذ استبعد براك أيّ تدخلٍ عسكريّ مباشر لبلاده في لبنان، مؤكّدًا أنّ «الولايات المتّحدة لن ترسل جنود المارينز إلى الأراضي اللبنانية للقيام بالمهمة نيابةً عن الدولة»، نُقل عنه استعداد واشنطن للعب دور الوسيط بين لبنان وإسرائيل «شرط أنّ يعلن لبنان رسمياً أنّه لا يمكن أن يكون في البلاد سوى جيشٍ واحد».
وفي سياق متصل، أعلن عضو الكونغرس الأميركي داريل عيسى بعد لقائه عون أمس «نحن فخورون جداً بما يحصل في لبنان، وكأميركيين سنستمر في دعم لبنان اقتصادياً عبر بلدنا وعبر الانتشار اللبناني، وعبر المشاركة بكل الطرق المتاحة».
وقال: «ندرك أيضاً ان لبنان يتخذ الآن قرارات عن نفسه وعن الشعب اللبناني، ولحكومة واحدة ولجيش لبناني وقوات مسلحة واحدة، والعمل الذي يتم، كما قال لنا الرئيس، هو عمل سيستمر».
ورداً على سؤال، صرح «ابلغني رئيس الجمهورية ان ما يقوم به، يفعله نيابة عن الشعب اللبناني، وكل قرار سيرتكز على مصلحة الشعب اللبناني»، مؤكداً «أن على الحكومة ان تقرر كما قررت البارحة، تنفيذ سياسة القوات المسلحة الواحدة، وان الجيش اللبناني هو القوة القانونية لحفظ السلم والامن، ونحن ننظر الى الازدهار الذي قد يأتي من ذلك، فسكان الجنوب بشكل خاص سيستفيدون من الامن والسلام».
وأوضح أنه سيعمل «مع الإسرائيليين كي يحصل انسحاب كامل مقابل انتشار الجيش اللبناني والقوات المسلحة اللبنانية وإظهار قدرتها على تحقيق السلام على كل الأراضي اللبنانية (...) وان لا يكون جنوب لبنان عرضة للصواريخ ولا ان تطلق الصواريخ منه ايضاً».
ولم يقل دلالة قيام الموفدة الأميركي السابقة مورغان اورتاغوس والتي كان تردّد أنها يمكن أن تعود إلى مهمتها اللبنانية، بمعاودة نشر ردّ الخارجية اللبنانية على مواقف عراقجي (على منصة اكس)، وكذلك موقف النائب فؤاد مخزومي الذي طلب فيه «استدعاء السفير الإيراني لوضع حد لهذا التعدي الدبلوماسي».
فرنسا على الخط
في موازاة ذلك، نُقل عن مصادر فرنسية متابعة للوضع اللبناني أن قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة خطوة مهمة إلى الأمام. وقالت إن العد العكسي لهذا الموعد بدأ، وعلى الحكومة ألا تتراجع وتؤجل الخطوة، وإلّا سيثير ذلك تساؤلات عن أسبابه.
وأضافت لموقع «النهار» الالكتروني أن «على اسرائيل الآن أن تقدم بعض الخطوات كي تعزز موقع الرئيس جوزف عون، وذلك يقع على عاتق الأميركيين أن يضغطوا على إسرائيل».
وكشفت أن براك الذي سيشارك في مفاوضات بباريس بين أطراف سوريين في 14 أغسطس سيجري أيضاً محادثات مع وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو حول التجديد للقوات الدولية في جنوب لبنان (اليونيفيل) وأيضاً حول وضع لبنان والمستجدات فيه في ضوء القرار الحكومي بحصر السلاح بيد الدولة ومطالبة فرنسا الإدارة الأميركية بالضغط على إسرائيل لإبداء خطوة إيجابية إزاء القرار اللبناني.
ورأت أن تصريحات عراقجي «تؤكد أن إيران ما زالت تستخدم وكلاءها في المنطقة من أجل مصالحها الخاصة»، مشيرة إلى أن الدول الأوروبية لا تستبعد إعادة العقوبات على إيران حول الملف النووي نهاية الشهر الجاري.
«حزب الله» و... المؤامرة
- ورابعاً تكرار «حزب الله» معاجلة الحكومة بينما كانت تعقد اجتماعها (كما في جلسة 5 أغسطس) بموقف أشبه بـ «إنذار» صدر عن كتلته البرلمانية التي أكدت رفْض «موقف الحكومة اللبنانيّة بتجريد لبنان من قوَّته من خلال محاولة تمرير مؤامرة نزع سلاح المقاومة في ظلّ اشتداد العدوان الصهيوني وغياب أي بديل قادر على تأمين الدفاع عن لبنان وحماية اللبنانيين وسقوط منطق الضمانات التي لم يلتزم أو يفي بها أيٌّ من رعاتها العرب والدوليين».
واعتبرت «ان تبنّي رئيس الحكومة لورقة الموفد الأميركي برّاك ما هي إلا دليلاً واضحاً على انقلابه على كلّ التعهُّدات التي التزم بها في بيانه الوزاري وتعارضها الجوهري مع ما جاء في خطاب القسم الذي أطلقه رئيس الجمهوريّة»، مشيرة إلى «أنَّ التسرُّع المريب وغير المنطقي للحكومة ورئيسها، بتبنّي المطالب الأميركيّة هو مخالفةٌ ميثاقيّة واضحة كما أنَّه يضربُ أُسس اتفاق الطائف الذي يحفظ حقَّ لبنان في الدفاع عن نفسه، والمحاولات البائسة للتعرُّض لسلاح المقاومة تقدِّمُ خدمةً مجَّانيّة للعدو الإسرائيلي».
ودعت الكتلة «الحكومة إلى تصحيح ما أوقعت نفسها ولبنان فيه من الانزلاق إلى تلبية الطلبات الأميركيّة التي تصبُّ حكماً في مصلحة العدو الصهيوني وتضع لبنان في دائرة الوصاية الأميركيّة، كما تدعوها إلى تحفيز واستنفار الدبلوماسيّة اللبنانيّة المتقاعسة لإجبار العدوّ على الالتزام بتنفيذ مندرجات اتفاق وقف النار الذي نفَّذه لبنان بالكامل في حين أنَّ العدو لم يُطبِّق أيَّ بندٍ منه»، مشيرة إلى «أن من أولويات الحكم والحكومة المبادرة إلى إنجاز وضع إستراتيجيّة أمن وطني تضمن للبنان إمكان الدفاع عن أرضه وشعبه».
وسرعان ما تردّد صدى هذا الموف وتُرجم داخل الجلسة التي أكّد فيها وزير العمل محمد حيدر (محسوب على حزب الله) «أنّنا لا نتكلّم بسلاح المقاومة قبل أن ينسحب العدو ويعود أسرانا، وتقف الاعتداءات وتبدأ عمليّة إعادة الإعمار... غير هيك أنا بعتذر، ما فيني إتحمّل مسؤوليّة قرار بظلم أهلي، ولا أقبل أن تتخلّى الدّولة عن ناسها».
وإذ شهدت الجلسة الحامية وعلى مدى أكثر من 3 ساعات نقاشات محتدمة حول قرار حصر السلاح الذي صدر، رفض وزراء الثنائي الشيعي (غاب منهم وزير المال ياسين جابر بداعي السفر وحضر الثلاثة الآخرون) أي بحث في ورقة براك التي تشكّل عملياً «الإطار التنفيذي» التي سترتكز عليها الخطة التطبيقية التي سيضعها الجيش اللبناني، وسط تقارير عن انهم «اقترحوا تأجيل البتّ بملف السلاح إلى حين تقديم الجيش خطته قبل 31 أغسطس، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض».
كما تحدثت المعلومات عن أن سلام اقترح البدء ببحث الأهداف - المبادئ الـ 11 الواردة في الصفحة الأولى من ورقة برّاك واستكمال درس البنود في جلساتٍ لاحقة لكن وزراء أمل وحزب الله رفضوا قبل أن ينسحبوا من الجلسة.