لم يكن الكويتيون يوماً إلا في الصفوف الأولى للنجدة، يحملون خبزهم وقلبهم إلى من ضاقت بهم الأرض، هكذا كانت الكويت، وهكذا ظلّ شعبها، وقد تجلى ذلك عملياً على مرّ الأزمان.
الحملة الإغاثية الكويتية العاجلة، لدعم أهل غزة، لم تكن حدثاً عابراً، بل محطة إنسانية جديدة في سجل طويل من العطاء الذي لم يعرف حدوداً، من مؤسسات الدولة إلى الجمعيات الخيرية، ومن الوزارات المعنية إلى المتطوعين وأهل الخير، اجتمع الكل على كلمة: «الواجب». واجب التضامن، وواجب الإغاثة، وواجب الأخوّة.
كأنها فزعة الكويت التي لا تخطئ موعدها، تأتي حين ينادي الجرح العربي. فكان العطاء سخياً، والتنسيق محكماً، والرسالة واضحة: لا نترك أشقاءنا وحدهم.
فقد اختتمت وزارة الشؤون، مساء الثلاثاء، حملتها الإغاثية لدعم الفلسطينييين في قطاع غزة، والتي استمرت ثلاثة أيام، وأعلنت الوزارة عن أن إجمالي التبرعات المالية بلغ 6.5 دينار (نحو 21.4 مليون دولار).
وقال المتحدث باسم الوزارة، يوسف سيف، أمس الأبعاء عقب ختام الحملة، التي أقامتها «الشؤون» لثلاثة أيام، بالتعاون مع وزارة الخارجية، ومشاركة جمعية الهلال الأحمر وجمعيات خيرية ومبرات كويتية، إن الحملة شهدت مساهمات كبيرة من جهات عدة أبرزها الأمانة العامة للأوقاف التي ساهمت بنصف مليون دينار وجمعية (إنسان) الخيرية بـ1.5 مليون دينار.
الحصيلة
وعن حصيلة التبرعات عبر الرابط الإلكتروني الذي أتاحته «الشؤون» الحملة، أفاد بأنها بلغت 2.5 مليون دينار، بعدد متبرعين 63501، مبيناً أن صندوق إعانة المرضى قدم تبرعاً بـ 01. 476 ألف دينار، وجمعية العون المباشر 1.3 مليون دينار، وجمعية إحياء التراث الإسلامي 235.4 ألف دينار.
وأشار إلى استقبال الحملة أيضا تبرعات غذائية عينية، وفق الضوابط المعتمدة، على أن يتم شراء المواد الغذائية حصراً من شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية، تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء، مع قيام جمعية الهلال الأحمر بتنسيق تسليم المساعدات إلى الجهات الإغاثية المختصة في مصر والأردن وفلسطين.
تعاون
من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة «الهلال الأحمر» خالد المغامس، استمرار التعاون بين الجمعية ووزارات «الشؤون» و«الخارجية» و«الدفاع»، في إطار التنسيق المشترك لتأمين آلية إيصال الشحنات الغذائية إلى غزة.
وقال المغامس لـ«كونا»، عقب لقائه وفد جمعية عطاء للعمل الإنساني، إن «الهلال الأحمر» تتولى مسؤولية إيصال الشحنات الغذائية إلى مصر، تمهيداً لدخولها إلى القطاع.
وأشار إلى تنسيق وتعاون وثيق مع جمعية الهلال الأحمر المصرية، لضمان وصول المساعدات المقدمة من الجمعيات الخيرية الكويتية.
بدوره، قال مدير جمعية «عطاء» عمر الشقراء، إن اللقاء يعتبر امتداداً لمسيرة الترابط والتكامل في العمل الإغاثي، متطلعاً إلى مزيد من التعاون مع «الهلال الأحمر» لما تمتلكه من خبرة واسعة في مجال الخدمات اللوجستية والأنشطة الإغاثية.
ونوه بتاريخ «الهلال الأحمر» الحافل بالعطاء الإنساني، والذي يعكس رسالة الكويت ومبادراتها في العمل الخيري والإغاثي إقليمياً ودولياً.
ولفت إلى أنه اطلع خلال الزيارة على الإجراءات التي تقوم بها الجمعية، وطبيعة التنسيق القائم مع الجهات المعنية، عبر إدارتها لغرفة عمليات متكاملة، وبتنسيق رفيع المستوى مع «الهلال الأحمر» المصرية، ووزارتي الخارجية والدفاع، لضمان سرعة وكفاءة إيصال المساعدات الإغاثية إلى أهالي غزة.
المخيال: لن نتوانى عن أي حملة جديدة
قال مراقب إدارة الجمعيات والمبرات الخيرية في «الشؤون» عبدالمحسن المخيال، خلال لقاء في قناة الأخبار، إن تفاعل المواطنين والمقيمين مع الحملة، يعكسه حجم التبرعات التي وصلت لها الحملة، مبيناً أن نجاح الحملة كان بتضافر الجهود الحكومية مع الجمعيات الخيرية.
وأضاف أن أهم عوامل نجاح الحملة هو فزعة أهل الكويت، الذين جبلوا على مناصرة جميع القضايا الإنسانية، خصوصاً القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الحملة جمعت في نهاية يومها الختامي نحو 4.5 مليون دينار، وذلك قبل حصر الشيكات التي وصلت للجمعيات الخيرية.
وشدد على أنه «متى ما لمسنا الحاجة لاطلاق حملة جديدة، فإن دولة الكويت لن تتوانى عن ذلك، والقادم أفضل بإذن الله»، مؤكداً أن القضية الفلسطينية «في وجدان كل مواطن كويتي، وفي ظل الظروف التي يعانيها إخواننا في غزة حاليا، كان هناك اقبال كبير من الشعب الكويتي لدعم المنكوبين».
المزروعي: ننتظر الإشارة لاطلاق الجسر الجوي
قال المدير العام لـ«الهلال الأحمر»، فواز المزروعي، إن الجمعية بذلت جهوداً كبيرة وعقدنا الكثير من الاجتماعات، وضعنا على ضوئها الترتيبات الخاصة بالحملة، وقد تضافرت الجهود مع جميع المشاركين في تنفيذ الحملة وإنجاحها.
وقال إن الاجتماعات السابقة أسفرت عن توزيع الأدوار، وقد تم اعتماد شركة الدقيق والمطاحن الكويتية لشراء المنتجات التي سترسل الى غزة، ونحن ننتظر الإبلاغ من وزارة الدفاع بموعد انطلاق الطائرات، بالتنسيق مع وزارة الخارجية، لانطلاق الجسر الجوي.
ولفت إلى أن تواصل الجمعيات الخيرية مع «المطاحن» وتقديم طلبات الشراء حسب إمكانية كل جمعية، وقمنا بوضع ضابط اتصال لنتواصل مع كل الجمعيات الخيرية، لإعداد برنامج لتسلم المساعدات العينية، ثم الانطلاق بعد تحديد مواعيد انطلاق طائرات الجسر الجوي.
وقال المزروعي: لدى «الهلال الأحمر» إدارة عمليات متمرسة، وتم إعداد المتطوعين الذين سيغادرون مع كل طائرة من طائرات الجسر الجوي، حيث يشرفون على تسليم المعونات إلى «الهلال الاحمر» المصرية، ومن ثم نقلها للمخازن والتأكيد على وصول جميع المعونات، وتقوم الجمعية المصرية، بعد ذلك، بإدخال المواد الإغاثية إلى غزة.