الدبلوماسيات... صوت التجربة والحكمة

بليندا لويس: لا ينبغي للمرأة أن تكون أكثر لطفاً لتُثبت مكانتها

5 أغسطس 2025 10:00 م

- النجاح في العمل الدبلوماسي يتطلّب بناء الثّقة والمُرونة النفسية والاستماع والتصرف بثبات في مُختلف المواقف

وسط مسيرتها الدبلوماسية الثرية، اختارت السفيرة البريطانية لدى البلاد بليندا لويس، أن تضع بصمتها الخاصة على المشهد السياسي والاجتماعي في الكويت، خلال فترة عملها التي انتهت أخيراً، بعد نحو أربع سنوات قضتها سفيرة لبلادها بالكويت، تحدّثت عن تجربتها ضمن سلسلة «الدبلوماسيات... صوت التجربة والحكمة»، كاشفة عن مسارٍ مهني حمل الكثير من التحدّيات والنجاحات.

ولد شغف لويس بالدبلوماسية من رغبة عميقة في خدمة وطنها، والتعرف إلى الثقافات والشعوب المختلفة. وبعد نحو عقد من العمل كموظفة مدنية في لندن، التحقت بالسلك الدبلوماسي، حيث وجدت في التنقل والتنوع بين الملفات والدول ما يعزز شغفها ويثري شخصيتها المهنية.

وخلال مسيرتها، لم تكن التحديات غائبة، خصوصاً تلك المرتبطة بكونها امرأة في مجال يتطلّب الكثير من الحضور والثبات. ففي عدة محطات، كان عليها أن تبذل جهداً مضاعفاً لتُسمَع كلمتها، أو لتتجاوز بعض النظرات التقليدية التي تُشكّك بكفاءة النساء مقارنة بالرجال. لكنها، كما تقول، تمسّكت بالثقة بالنفس ورفضت الاستسلام للأحكام المسبقة، مدعومة بزوج مُتفهّم يشاركها المسؤوليات الأسرية، في مجتمع لا يزال يثقل كاهل المرأة بالحكم بينما يعفي الرجل.

وتؤمن لويس بأن القيادة في العمل الدبلوماسي لا تتعلّق بالجندر، بل بالقدرة على التقييم السليم للمواقف، وبناء العلاقات، والتصرف بثقة وهدوء مهما كانت التحديات. وتقول إن بعض التقييمات التي تلقتها خلال عملها وصفتها بأنها «شديدة الصرامة» أو «أقرب إلى النمط الذكوري»، لكنها ترفض الانسياق وراء القوالب الجاهزة، مؤكدة أن «المرأة لا ينبغي أن تكون أكثر لطفاً أو ليونة لتثبت مكانتها».

إنجازات وفخر

من بين اللحظات التي شعرت خلالها بأثر عملها، تتذكر لويس بفخر الزيارات رفيعة المستوى التي ساهمت في تنظيمها، والتي أثمرت عن تعاونات واسعة بين الكويت والمملكة المتحدة، ومنها اللقاءات المتعددة التي جمعت سمو الأمير بجلالة الملك تشارلز الثالث. كما تفتخر بتيسير شراكات اقتصادية ناجحة مثل الربط بين شركة «الريف» الفلسطينية ومجموعة «لولو»، وهو إنجاز ترى فيه انعكاساً مباشراً للدبلوماسية الاقتصادية التي تؤمن بها.

وترى لويس أن «النجاح في العمل الدبلوماسي يتطلّب مهارات عدة، أبرزها: بناء الثقة، والمرونة النفسية، والقدرة على الاستماع، والتصرف بثبات في مختلف المواقف». وتُشدّد على «أهمية أن يكون الدبلوماسي قادراً على التقاط الأفكار الجيدة، ومُواجهة المشكلات بوعي، وعدم تجاهل الإشارات التحذيرية التي قد تعيق العمل».

وفي حديثها إلى الجيل الجديد من الشابات الطامحات للعمل في السلك الدبلوماسي، تدعو لويس الجميع إلى خوض هذه التجربة الثرية بلا تردّد. وتُؤكّد أن الدبلوماسية مهنة نبيلة تُتيح خدمة الوطن، وتوسيع المدارك، وخوض تحديات مهنية متنوعة ومجزية.

وتُشير إلى أنّ «تطوير السلك الدبلوماسي ليعكس تنوع المجتمع بات ضرورة. فالسفارات البريطانية في الماضي كانت محصورة على رجال بيض من خلفيات اجتماعية متقاربة، لكن المشهد يتغير اليوم، ليكون أكثر تمثيلاً وشمولاً لمجمل أطياف المجتمع البريطاني».

من كشتات الصحراء إلى سحر الغروب في الخليج

تقول لويس، عن تجربتها في الكويت، إنها ستغادر البلد بقلب ممتن: «فمن رحلات الكشتة في الصحراء، إلى سحر الغروب في الخليج، ومن دفء الدواوين، إلى الأجواء الروحانية لرمضان، حملت السنوات الأربع ذكريات لا تُنسى». وتضيف أنها عملت بلا كلل لتعزيز العلاقات الثنائية، ودعم الشركات البريطانية، وتسهيل إجراءات سفر الكويتيين إلى بريطانيا. وتختم بابتسامة: «آمل أن أعود يوماً ما إلى هذا البلد الذي منحني الكثير من الترحاب والود».