حروف نيرة

أغلق الناس باباً... وفتح الله أبواباً

29 يوليو 2025 10:30 م

يظن البعض أن الوصول إلى الهدف المنشود يتطلب قفزة مباشرة في الاتجاه الصحيح، وأن أي انحراف عن المسار يعني تأخراً أو فشلاً.

لكن الحقيقة أن الطريق إلى الطموح لا يُرسم بخط مستقيم، بل بخطوط متعرجة، وتجارب متداخلة، بعضها عسير، وبعضها يبدو خاطئاً في حينه، لكنه يحمل بذور النضج والتحول.

الهدف الكبير لا يُنال دفعة واحدة، بل يُبنى من محاولات كثيرة، من اجتهاد صادق، ومن نية خالصة حتى في أحلك المحطات. وقد يتحقق الهدف، أو يتحقق ما هو أعلى منه، دون أن يكون ضمن خططنا.

فكم من باب أُغلق في وجوهنا، فحسبناه سداً، فإذا به يحوّلنا إلى طريق لم نكن لنفكر فيه، طريق فتح لنا أبواباً ما كنا لنتخيّلها.

ذلك لأننا لم نُغادر الطريق، ولم نُفرّط في النية، ولم نتكاسل في السعي.

قال أحد العارفين... «أن تصل إلى الباب الصحيح، يتوجب عليك أن تقرع العديد من الأبواب الخطأ».

الأخطاء ليست سيئة، بل تؤدي إلى النضج. وكم صدق هذا القول، ففي كل تجربة تظنها فاشلة، مهارة جديدة، ورؤية أوضح، وإدراك لما كنت تجهله في نفسك وفي الطريق.

النجاح ليس في الوصول السريع، بل في أن تواصل السعي رغم التوقفات، وأن تواصل الإخلاص رغم التشتت، وأن تُعيد المحاولة كلما أخطأت الباب.

الغاية ليست فقط أن تصل، بل أن تصل وقد نضجت، وامتلأت معرفةً وخبرةً وثباتاً. فما أجمل أن يُثمر التعب! لا فقط بنتيجة، بل بشخصية تستحق النتيجة.

يشبه ذلك قصة رجل ضلّ طريقه في جبل. كان يبحث عن مخرج، فصار يطرق كل مسار يصادفه، يصعد هضبة، ويعود منحدراً، يدخل ممراً ضيقاً، ثم يرجع.

كل طريق كان يبدو خاطئاً، والعودة منه كانت مرهقة، لكنه لم يتوقف.

وفي لحظة يأس، قرر أن يستريح تحت شجرة، وهناك لمح أثر طريق صغير بين الأعشاب لم يكن ظاهراً من قبل! سلكه على سبيل التجربة، فإذا به يفتح على السهل، ويقوده إلى قرية آمنة.

لم يكن ذلك الطريق ظاهراً من البداية، ولم تكن محاولاته السابقة بلا جدوى.

كل خطوة متعثرة قادته ليصل إلى المكان الذي يستحقه. ولو لم يجرّب الطرق الأولى، لما وصل إلى الطريق الأخير. وهكذا الأهداف... لا تُنال دائماً من أول محاولة، لكنك حين تسعى بصدق، سيفتح الله لك ما هو خير، ولو بعد حين.

وختاماً، في حياتنا.. كثيراً ما يغلق الناس أمامنا أبواباً ظننا أنها نهاية الطريق، إنها أبوابٌ نأمل أن تُفتح لكنهم يُغلقونها أمامنا بأيديهم.

لكن الحكمة تقول: «ليس كل إغلاق من الناس نهاية، فالله قادر على فتح أبواب لا تُحصى، أبواب من نور وفرص جديدة، لا نراها ولا نتوقعها... حين يُغلق الناس باباً... يفتح الله أبواباً».

aaalsenan @