رأي قلمي

بغية لفت الأنظار...!

26 يوليو 2025 10:00 م

إنّ معظم الناس تمارس النقد الذاتي والغيري بطريقة عشوائية، وبشكل فطري... حتى الطفل قد يعترض في نفسه، على سلوك أحد والديه أو إخوته أو معلميه، وأحياناً يجهر بذلك.

للأسف الشديد بسبب ممارسة النقد المفتقر إلى اللباقة والموضوعية، والفهم العميق للقضية، رأينا الكثير من الإساءات والكثير من المناكفات، بل العداوات.

إنّ الناقد الجيد هو الذي يتأكد من ثبوت ما يقوم بنقده، ويجب أن يكون الدافع إلى النقد هو تحسين وضعية أو تقويم اعوجاج، وإلا فإن الدافع قد يكون الانتقام، أو فضح إنسان، وهذا شيء يسبب ويثير الكثير من القطيعة والشحناء.

لابد للناقد أن يلزم الموضوعية بالنقد ويقاوم التحيز، حيث إنّ كثيرين من الناس يهوّلون الأمور، ويضعونها في إطار وحجم أكبر من حجمها، ويتحدثون عن كوارث وذلك بنية إعطاء المشروعية لانتقادهم، وبغية لفت الأنظار، وهذا فيه ظلم للمنتقد، وفيه نوع من التضليل لمن يسمع النقد، أو يطّلع عليه. والموضوعية تعني عدم التهويل، وعدم التبخيس والتهوين.

إنّ الناقد الجيد يمتلك حساسية جيدة نحو المشكلات، وفي الحقيقة الحساسية شرط مهم لنقد الذات أو الغير، وذلك لأن الذي لا يملك الحس النقدي لا يقدّر حق التقدير ما هو حق وصواب وخير، ولهذا فإنه لا يشعر ولا يراعي ما يجرح ذلك من تصرفات.

لذا، نجد بعض الناس يشعرون بوجود الأخطاء، لكن ما لديهم من قوة الملاحظة والقدرة على صياغة المشكلة، لا يسعفهم في بلورة موقف نقدي واضح.

إنّ المطلوب في الأساس هو توصيف المشكلة على نحو واضح من أجل البقاء في إطارها، لذا فإن الناقد الجيد يحاول دائماً أن يبقى على صلة بالنقطة الأساسية، أو جوهر الموضوع المنتقَد. ومن الضروري أن يتمتع الناقد الجيد بالصدق والمرونة الذهنية، فإذا انتقد قولاً أو عملاً أو موقفاً، ثم من خلال النقاش تبين له أن ما بلغه عن الأمر غير دقيق، أو اكتشف أن تصوره لم يكن صحيحاً، أو تبين أن ما ظنه خطأ... فإن عليه في هذه الحالة أن يمتلك الشجاعة على الاعتذار والتراجع وإبداء الأسف، وهذا من صدق الاستقامة وأصالة الشخصية.

وفي الخاتمة نقول:

إن امتلاك منهجية إطار فكري جيد مع معرفة واسعة، تجعل نقدنا أكثر صواباً، ونتمكن من تقديم البديل عن الموقف أو الإجراء الذي لم يعجبنا، لهذا فإن استحضار ما هو صواب أو بديل وتقديمه بشكل واضح وشفاف، يعدُّ أمراً مهماً في عالَم النقد، إن أردت أن تكون ناقداً جيداً!

[email protected]

@mona_alwohaib