في اليوم الـ652 من «حرب الإبادة»، على قطاع غزة، واصل جيش الاحتلال ارتكاب مجازر الوحشية بحق المجوّعين والنازحين، حيث سقط أكثر من 90 شهيداً، بينهم 36 من طالبي المساعدات، منذ فجر أمس، في حين توقع دونالد ترامب، إطلاق 10 رهائن آخرين «قريباً».
وقال الرئيس الأميركي خلال عشاء مع أعضاء في مجلس النواب في البيت الأبيض مساء الجمعة، «استعدنا معظم الرهائن. سنستعيد 10 رهائن آخرين قريباً جداً، ونأمل أن ننتهي من ذلك بسرعة».
في سياق متصل، وصف السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، طلب جهاز «الموساد» المساعدة في تهجير فلسطينيين من القطاع، بأنه «شنيع ومثير للاشمئزاز».
وأكد أنه «لا ينبغي للولايات المتحدة التواطؤ في ما يرقى للتطهير العرقي للفلسطينيين».
وزار رئيس «الموساد» ديفيد برنياع، واشنطن قبل أيام، من أجل طلب الحصول على مساعدتها في إقناع دول بمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إليها، بحسب ما نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مصدرين مطلعين.
وذكر المصدران المطلعان، أن برنياع أبلغ المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، بأن إثيوبيا وإندونيسيا وليبيا أبدت استعداداً مبدئياً لتوطين أعداد كبيرة من الفلسطينيين، فيما اقترح أن تقدم الولايات المتحدة حوافز لتلك الدول وتساعد إسرائيل في إقناعها.
من جانبه، لم يبد ويتكوف التزاماً بذلك، وليس واضحاً ما إذا كانت واشنطن ستتدخل فعلياً في هذا الشأن، حسب ما قال أحد المصدرين.
مفاوضات الدوحة
إلى ذلك، قال مسؤول إسرائيلي يشارك في المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» في الدوحة، إنه «لن نعود إلى خطوط مارس أو يناير... وما تتناوله التقارير المختلفة لا أساس له من الصحة ولا يوجد ما يستند إليه ذلك»، في إشارة إلى خطوط الانسحاب من غزة خلال اتفاق الهدنة الذي تنصلت منه إسرائيل واستأنفت حربها في 18 مارس 2025.
وأوردت هيئة البث الإسرائيلية (كان 11) مساء الجمعة، أن إسرائيل تدرس إرسال وفد آخر رفيع المستوى إلى الدوحة من أجل دفع المفاوضات والتقدم نحو إبرام صفقة.
وتناولت وسائل إعلام إسرائيلية مؤشرات متزايدة على قرب التوصل إلى اتفاق تبادل مع «حماس»، لكنها ربطت توقيت إتمام الصفقة بانتهاء الدورة الصيفية للكنيست، وسط انتقادات داخلية واسعة لنهج نتنياهو في المفاوضات، وتحذيرات من تصاعد التحديات الميدانية التي تواجهها قوات الاحتلال.
وقال شاي بزك، المستشار الإعلامي السابق لنتنياهو، في حديث للقناة الـ13، إن رئيس الحكومة لن يقدم على إبرام أي صفقة قبل 31 يوليو الجاري، أي حتى نهاية الدورة البرلمانية الصيفية، مرجعاً ذلك إلى مخاوف من انسحاب شركائه في الائتلاف، خصوصاً وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
بدوره، أشار مراسل الشؤون الدبلوماسية في قناة الـ24 عميحاي شتاين، إلى تفاؤل واسع يسود أوساط الوسطاء المشاركين في المفاوضات، خصوصاً بعد أن سلمت إسرائيل خريطة تتعلق بإعادة انتشار قواتها خلال 60 يوماً من بدء الهدنة، وتشمل انسحاباً كاملاً من محور موراغ الفاصل بين مدينتي خان يونس ورفح، وتخفيفاً للوجود العسكري في مناطق أخرى جنوب القطاع.
تناقض صارخ
وعلى الأرض، تُظهر شهادات ميدانية ومعطيات داخلية من جيش الاحتلال تناقضاً صارخاً بين التصريحات السياسية التي تروّج لـ«السيطرة»و«الإنجازات»، وبين الواقع العملياتي في القطاع.
وفي السياق، أعلنت القناة الـ12 إصابة جنديين من لواء المظليين بجروح خطيرة، إلى جانب إصابة ضابط ثالث بجروح متوسطة، خلال اشتباكات في غزة، ما يعكس استمرار حالة الاستنزاف التي يعاني منها الجيش على جبهات متعددة داخل القطاع.
وتشير تقديرات عسكرية إلى أن«القتال مرشّح للاستمرار لسنوات، وأن حركة حماس لاتزال تحتفظ بقدراتها الأساسية ولم تُهزم بعد وأن الحسم ليس وشيكاً».
ووصف مقدم الاحتياط إتاي ماجري، نائب قائد لواء مدرع، الواقع الميداني بأنه«عالم آخر»متعدد المستويات تحت الأرض، قائلاً إن المقاتلين يتحركون ويقاتلون من خلال شبكة أنفاق على عمق مستويين أو ثلاثة، ما يجعل عملية تدمير هذا العالم عملية«منهجية وبطيئة».
مجاعة كارثية
إنسانياً، قالت مصادر طبية، إن«مجاعة كارثية ومجازر دامية قرب مراكز المساعدات الأميركية (مصائد الموت) تهدد حياة آلاف المواطنين».
وأضافت أن«القطاع يمر بحالة مجاعة فعلية، تتجلى في النقص الحاد بالمواد الغذائية الأساسية، وتفشي سوء التغذية الحاد، وسط عجز تام في الإمكانيات الطبية لعلاج تبعات هذه الكارثة».
وأعلن الدفاع المدني استشهاد أكثر من 90 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 100، بنيران الاحتلال قرب مركزين لتوزيع المساعدات في خان يونس ورفح.
والجمعة، أكد الطبيب صهيب الهمص مدير مستشفى الكويت التخصصي الميداني في منطقة المواصي في خان يونس، أن«كل الحالات التي تصلنا الآن بحاجة ماسة إلى الغذاء قبل الدواء... المئات ممن نحلت أجسادهم بالكامل باتوا مهددين بالموت بعد أن تجاوزت أجسادهم القدرة على الصمود».