إنّ المسؤولية التربوية الملقاة على عاتق المربين، سواء كانوا أبوين أو غيرهم، هي أهم المسؤوليات التي ينهض بها الجيل الحالي تجاه الأجيال القادمة، حيث إن المسؤولية تجاه المستقبل كثيراً ما تتجسّد في حُسن التربية للأولاد، وتوفير البيئات الملائمة لنموهم وبناء شخصياتهم. وهذه المسؤولية تنبع من شيئين أساسيين: الأول - هو ما تهدف إليه التربية من تأسيس لعقلية الأبناء ونفسياتهم، وهذا يتجلّى في سلوكياتهم ومواقفهم المختلفة في الحياة. وما تطلبه النصوص والقيم والمبادئ الأساسية ذات الصلة ببناء الشخصية، هو تنشئة الإنسان الصالح المصلح، الناجح في الحياة، القادر على الموازنة بين واجباته وحاجاته، وهذا الهدف كبير وثقيل، وحتى نبلغه في الأبناء نحتاج إلى ثقافة تربوية أصيلة ومتجددة، كما أنه يحتاج تعاون وثيق بين الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، ويحتاج مع هذا وذاك إلى صبر ومتابعة، وقبل كل ذلك يحتاج إلى وعي واهتمام بأهمية العمل التربوي ودوره المحوري في نهضة العباد والبلاد.
أما الثاني- فهو الأثر الكبير الذي تتركه التربية في شخصية الطفل، والكل يعلم أن الطفل لا يسلك في مسالك الإنسانية بمجرد أن تلده امرأة، لأن ما يملكه من فطرة وغريزة لا يساعده على أن يكون بشراً سوياً ما لم يقم بتربيته إنسان، يحمل قيماً ومبادئ محددة، ويعيش في مجتمع ذي طابع إنساني.
إنّ في تربية الأبناء امتثال كامل لأمر الله تعالى، ويظهر هذا واضحاً بالآية الكريمة: «يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلحِجَارَةُ...». سورة التحريم 6. إنّ الكبار قدوة للصغار، حيث إنهم يحمون صغارهم مما يحمون منه أنفسهم، ويحثونهم على فعل ما يفعلونه في سياق عام من السعي في مرضاة الله تعالى، والتقرب إليه.
في الحقيقة التي لا تخفى على أحد، إنّ المربي الأساسي في الأسرة هو المرأة، لأن التربية عبارة عن احتكاك وتفاعل عقل مع عقل، وروح مع روح، وإن احتكاك الأم بأطفالها أضعاف احتكاك الأب بهم. إن الأبوين يقومان بدورين متكاملين في تربية الأبناء، حيث إن كل واحد منهما يستطيع أن يقدم للأبناء ما لا يستطيع الآخر تقديمه.
المسؤولية الملقاة على عاتق المربين كبيرة وثقيلة، فلنكن على وعي وإدراك بقدر المسؤولية، حتى لا ينشأ لدينا جيل منحرف بسبب تقصير المربين، بالتخلي عن مسؤولياتهم التربوية.
mona_alwohaib@