د. عبداللطيف محمد الصريخ / زاوية مستقيمة / شصار على أنفلونزا الخنازير؟

1 يناير 1970 04:59 م
وهكذا انتهى كل شيء فجأة، اختفى ذلك الفيروس الملعون المسبب لمرض (H1 N1)، أو ما يسمى بأنفلونزا الخنازير، والظاهر أنه انتحر بعدما استقر به الحال في الكويت، ورأى ما رأى من استعدادات وزارة الصحة لدينا، ابتداء بالمطار، وانتهاء بالمدارس التي تعطلت بسببه، فقرر أن يموت بطلاً، ويأخذ الطريق السريع، وينتحر، وهذا ما كنت أظنه في البداية ولكن نهايته كانت لسبب آخر أكثر دراماتيكية.

ونحن عندما نقول الطريق السريع لا نقصد مسماها لدينا، فهي لم تعد طرقاً سريعة بالمعنى الصحيح، بسبب الازدحام الذي لم يترك ساعة من ليل أو نهار إلا وهاجمها، وقد أعلن قبل أيام أحد كبار قادة وزارة الداخلية أن هناك مقترحات سوف تقضي على الازدحامات المرورية، وها نحن ننتظر الفرج، يا رب.

نعود لموضوع الفيروس، فقد أخذتنا الزحمة بعيداً عنه، ولم يعد لنا حديث في الدواوين والمنتديات سواها، طبعاً بعد خطة التنمية الخمسية، هذا الفيروس الذي شغلونا به أياماً وشهوراً، وشغلوا وزارة التربية عن بدء العام الدراسي كالمعتاد، وتأثرت دور الحضانة وخسر ملاكها، وارتاحت بسببه جيوش من معلمات مرحلة رياض الأطفال فصلاً دراسياً كاملاً.

اختفى الفيروس حتى دون أن يودعنا، اختفى بعد أن امتلأت مخازن وزارة الصحة بالمصل الخاص به، اختفى بعد أن قهقه ضاحكاً على شوارب الأطباء عندنا، الذين أزعجونا بتصريحاتهم عن مراحل انتشار الفيروس، وأنه سينتشر في شهر نوفمبر، أتى نوفمبر ولم يأت الفيروس، فقالوا سيأتي في هجمة مباغتة في فبراير حيث المرحلة الثانية منه، فانتظرناه إلى فبراير، واستعددنا بكل الوسائل والأدوية، ووسائل الدعاية والإعلان والكمامات التي لا يرتديها سوى الكويتيين، ولكنه أخذ أقرب لفة يوتيرن، واستدار للخلف، وولى هارباً.

أين الناطق الرسمي لوزارة الصحة، لِمَ لمْ يخبرنا بحقيقة اختفاء الفيروس فجأة دون مقدمات، أم أنه كان يراهن على أن ذاكرتنا كذاكرة الفيل سريعاً ما ننسى، لِمَ لا ونحن ننسى من يتخلى عن همومنا كناخبين بسرعة، ونعود لانتخاب أعضاء زوّروا إرادة الأمة مراراً وتكراراً، واستباحوا ذمم الناس جهاراً نهاراً، كل ذلك باسم الديموقراطية، وهي بريئة منهم، براءة الذئب من دم يوسف.



د.عبداللطيف الصريخ

مستشار في التنمية البشرية

[email protected]