«سأفتقد الكويتيين... والوجود الأميركي هنا خيار إستراتيجي»

السفيرة الأميركية تودّع الكويت: تجربة ثرية... وشراكة إستراتيجية راسخة

8 يوليو 2025 10:30 م

- الكويت أفضل بلد للدبلوماسيين... مجتمعها حيوي ومترابط بشكل استثنائي
- علاقاتنا الثنائية تتجاوز الصورة التقليدية... وشراكتنا تطول التعليم والتكنولوجيا والأمن والتبادل التجاري
- نرحّب بالطلبة الكويتيين ونؤمن بحقهم في التعليم... لكن مع التزامهم بأهداف الزيارة
- الكويتيون يتمتعون بكرم ضيافة وصدق نادرين... ومشاركتي في الديوانيات تجربة غنية
- النساء اليوم لم يعدن استثناء في المجال الدبلوماسي... فالكفاءة هي المعيار لا النوع

أعربت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى البلاد، كارين ساساهارا، عن امتنانها العميق للتجربة التي خاضتها في الكويت، مؤكدة أنها شكّلت محطة مهنية مهمة وشخصية متميزة في مسيرتها الدبلوماسية.

وخلال لقاء وداعي مع ممثلي الصحافة المحلية، أشادت ساساهارا بتماسك المجتمع الدبلوماسي في الكويت، واصفةً إياه بـ«واحد من أكثر المجتمعات حيوية وترابطاً في المنطقة»، وأضافت: «لا أختلف مع توصيف الكويت بأنها أفضل بلد للدبلوماسيين، فالتفاعل اليومي مع أكثر من 120 بعثة دبلوماسية ومنظمة متعددة الأطراف كان تجربة مثرية بكل المقاييس».

شراكة تاريخية

وشددت السفيرة على أن العلاقات الكويتية – الأميركية تتجاوز الصورة التقليدية التي تربط نشأتها بفترة ما بعد الغزو العراقي، موضحةً أن «هناك جذور عميقة تمتد إلى ما قبل عام 1991، تشمل التعليم، والتكنولوجيا، والتعاون الأمني، والتبادل التجاري».

وأضافت أن الوجود العسكري الأميركي في الكويت «ليس تفصيلاً عادياً، بل خيار إستراتيجي يعكس مستوى الثقة المتبادلة»، لافتة إلى أهمية التعاون اليومي على مختلف الصعد.

«سأفتقد الكويت»

على الصعيد الشخصي، أعربت السفيرة ساساهارا عن تقديرها للمجتمع الكويتي، وقالت: «سأفتقد الناس هنا، فالكويتيون يتمتعون بكرم ضيافة وصدق نادرين».

واعتبرت مشاركتها في الديوانيات تجربة سياسية وثقافية غنية «تعكس عمق النقاش في المجتمع الكويتي وانفتاحه».

وفي ما يتعلق بموقع المرأة في المجال الدبلوماسي، قالت: «لا أريد أن يُشار إليّ فقط كامرأة ناجحة، بل كدبلوماسية ناجحة، فالكفاءة -ليس النوع- هي المعيار الأساسي، والنساء اليوم لم يعدن استثناء في هذا المجال».

تعاون وثيق

وعن التوترات الإقليمية وموقف الولايات المتحدة منها، أكدت ساساهارا أن واشنطن لا تسعى إلى التصعيد، مشيرة إلى «تنسيق مستمر ويومي» مع الكويت، ووصفت الرد الخليجي على التطورات الأخيرة بـ«الموحّد والمشجّع»، معتبرةً أن «التهدئة تصب في مصلحة الجميع».

كما أشارت إلى التعاون الوثيق بعد الهجوم على قاعدة العديد الأميركية في قطر، مؤكدة أن «الاتصال المباشر مع القيادة الكويتية، العسكرية والمدنية، مكّننا من تبادل التقييمات بصورة فورية، والحمد لله لم تقع إصابات، لكن الحدث كان مؤشراً حساساً».

تأشيرات الطلبة

ورداً على استفسارات بشأن رفض بعض تأشيرات الطلبة بسبب آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن الحرب على غزة، قالت السفيرة: «أفهم تماماً مشاعر القلق، لكن منح التأشيرات يخضع لمعايير أمنية وطنية، وليس للتعبير عن الرأي».

وأضافت: «نرحّب بالطلبة الكويتيين، ونؤمن بحقهم في التعليم، لكن مع التزامهم بأهداف الزيارة». وقالت: «علينا أن نوازن بين فتح أبواب السفر المشروع وبين أولويات الأمن القومي، ونريد أن يأتي الطلبة للدراسة، لكن لا نريد أشخاصاً لا يضمرون خيرا لبلادنا. عندما تملأ استمارة التأشيرة وتقول بأنك ذاهب للدراسة، فهذا ما ينبغي أن يكون شغلك الشاغل أثناء وجودك بأميركا، وعلى هذا فنحن ملتزمون باستقبال الطلاب وسنواصل ذلك، مع الاستمرار في تكييف معايير منح التأشيرات وفقاً للظروف المتغيرة».

وأردفت: «لقد استأنفنا إجراء مقابلات إصدار تأشيرات F وM وJ الأسبوع الماضي، ونحن الآن نعمل بشكل طبيعي. صحيح أن هناك بعض المتطلبات الإضافية في الإجراءات، ولكننا كنا واضحين بشأنها منذ البداية، ونرحب بالطلبة الراغبين في الدراسة».

وأكدت السفيرة متانة العلاقات الأميركية – الكويتية، وقالت: «الكويت شريك إستراتيجي قديم للولايات المتحدة، وهناك وجود عسكري أميركي كبير هنا، التعاون والتواصل والتنسيق بيننا يتم بشكل يومي، سواء على المستويين العسكري أو المدني. ووجود مركز الناتو في الكويت منذ عام 2017 يعكس هذا التعاون الوثيق»، لافتة إلى أن «ما جرى الأسبوع الماضي (إطلاق الصواريخ على قاعدة العديد الأميركية في قطر) مثال واضح على التنسيق الوثيق. نحن بحاجة كشركاء لمعرفة ما يجري. إيران ليست بعيدة. كنا على تواصل مستمر مع القيادة الكويتية العسكرية والمدنية لتبادل المعلومات وتقدير الموقف. والحمد لله، لم تقع إصابات، لكن الحدث كان مهماً».

وفي ختام اللقاء، أوضحت ساساهارا أن عملية تعيين خلفٍ لها في الكويت تخضع لمجريات الترشيحات في واشنطن، والتي قد تتأثر بالعطل الصيفية وجداول الكونغرس، مؤكدة أن الإعلان عن السفير الجديد سيتم «في الوقت المناسب وعبر القنوات الرسمية».

الإعلام الكويتي شفاف

أشادت السفيرة الأميركية كارين ساساهارا بالتنوع الإعلامي في الكويت، ووصفت المشهد الصحافي بأنه «نشط وشفّاف»، لافتة إلى أن كثرة الصحف في بلد صغير تعكس غنىً في الآراء وتميزاً في الساحة الإعلامية.

وأضافت: «من يقرأ الصحف بتمعّن يعرف ما يجري فعلاً، لكن لفهم الصورة كاملة لا بد من معرفة البلاد والفاعلين فيها».

وأكدت أنها لاتزال تعتمد على الصحافة المطبوعة كمصدر رئيسي للمعلومات، معتبرة إياها أكثر مصداقية وشفافية من وسائل التواصل.

وعند سؤالها إن كانت تقرأ الصحف بالعربية، أجابت مازحة: «قراءة صحيفة كاملة بالعربية قد تأخذ مني سنة! لكنني أتابع العناوين الرئيسية وأفهم الكثير منها».

شراكة من أجل الازدهار لا المواجهة

أكدت السفيرة الأميركية أن «دعم واشنطن لإسرائيل لا يتعارض مع التزامها بالاستقرار الإقليمي وحقوق الإنسان»، مشددة على أهمية تحقيق التوازن بين المصالح والمبادئ.

وقالت: «أي صراع يهدد أمن المنطقة ويؤثر على التجارة وحقوق الإنسان، لذا نفضّل الحوار على التصعيد»، مضيفة أن «دول الخليج باتت تركز على النمو والتبادل التجاري، وهذا ما نؤمن به أيضاً: الشراكة من أجل الازدهار، لا المواجهة».

«المنطقة لا تحتمل المفاجآت»

رأت السفيرة الأميركية أن الوضع الإقليمي لم يعد يحتمل المزيد من المفاجآت، مؤكدة أن الحاجة باتت ملحة لتحقيق الأمن القومي. ودعت إلى تفعيل دور المنظمات الإقليمية، مثل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، في إطلاق حوار شامل لدعم الاستقرار. واستشهدت برفع العقوبات الأميركية عن سوريا لتوفير الغذاء والدواء، وزيارة الرئيس اللبناني الجديد للكويت، معتبرة أنهما «مؤشران إيجابيان» يعكسان إمكانية التقدم عبر الأطر الإقليمية.