في عالم تتعاظم فيه التحديات وتتسارع التغيرات، تبرز المرأة الدبلوماسية كصوتٍ للحوار والتجربة والحكمة، وجسرٍ للتفاهم، وأداةٍ فعالة لصناعة السلام وتعزيز التنمية.
وفي هذه السلسلة من الحوارات الخاصة، نسلّط الضوء على تجارب سفيرات ودبلوماسيات يمثلن بلدانهن في الكويت، حيث كشفن لـ«الراي» عن القصص الملهمة التي تقف خلف المواقف الرسمية، والأدوار الفاعلة التي تؤديها النساء في صياغة السياسات الخارجية، وبناء الجسور بين الشعوب، والدفاع عن قضايا أوطانهن.
من التحديات إلى النجاحات، ومن البرلمان إلى السفارات، تروي لنا هؤلاء السيدات مسيرة مليئة بالإصرار، والانتماء، والرؤية.
وتتحدث في الكلمات التالية سفيرة جمهورية كينيا حليمة عبدالله محمود عن رحلتها في عالم الدبلوماسية، مسلّطة الضوء على الشغف والمثابرة والقيادة التي شكّلت معالم مسيرتها المهنية.
وبصفتها إحدى الرائدات في مجال العلاقات الدولية، قدّمت السفيرة محمود رؤى ثرية حول التحديات والفرص التي واجهتها، وأكدت لـ«الراي» أهمية التنوع الجندري في العمل الدبلوماسي، والدور الحيوي الذي يؤديه الدبلوماسيون في تعزيز الفهم العالمي والتعاون الدولي.
ولم يكن حديثها مجرد استعراض لتجربة شخصية، بل رسالة ملهمة موجهة لكل شابة تطمح لتمثيل وطنها على الساحة الدولية.
تحديات
تقول السفيرة «لطالما كنت شغوفة ببناء العلاقات وتعزيز السلام على المستوى العالمي. كما أن اهتمامي بالثقافات واللغات المختلفة جذبني إلى مجال الدبلوماسية، كميدان يمكنني استثمار مهاراتي فيه، في التقريب بين الثقافات المختلفة».
وترى أن «التحديات التي نواجهها لا تختلف كثيراً عن تلك التي تواجهها النساء في مجالات أخرى. ففي هذا العمل، مثلاً، يجب على المرأة أن تكون مرنة، إذ يمكن أن يتم استدعاؤها في أي لحظة بعيداً عن عائلتها. ولحسن الحظ، كنت محاطة بنماذج نسائية ملهمة كسفيرتي الخارجية السابقتين، رايتشيل أومامو ومونيكا جوما، اللتين كسرتا الحواجز أمام المرأة.
كما أن الحكومة الكينية منحت النساء مناصب قيادية في وزارات مهمة، مثل وزارة الدفاع، ما يؤكد أن المرأة تستطيع، بالصبر والنظرة الإيجابية، تجاوز التحديات.
وتضيف «كان المجال الدبلوماسي تقليدياً حكراً على الرجال، لكن هذا الواقع يتغير اليوم. يتم الاعتراف بشكل متزايد بدور المرأة المميز، خصوصاً في ما يتعلق ببناء العلاقات واعتماد الأسلوب التعاوني. فالمرأة كانت ولا تزال حجر الأساس في صنع السلام داخل المجتمعات».
تأثير
وحول اللحظة التي شعرت فيها أنها أحدثت أثراً فعلياً من خلال عملها الدبلوماسي، تذكر أن «الدبلوماسي سفير لبلاده على مختلف الأصعدة، من الاقتصاد إلى الشؤون العامة وشؤون الجاليات. خلال الأزمة الأخيرة بين إسرائيل ولبنان، ساهمنا في تنظيم إجلاء طوعي ناجح لمواطنينا من خلال التنسيق مع منظمات غير حكومية وجهات متعاونة، وذلك بعد تواصل وثيق مع الجالية الكينية هناك».
وترى أن «الدبلوماسي يجب أن يكون مستمعاً جيداً، شغوفاً بعمله، ويتمتع بمهارات تحليلية قوية، إلى جانب مهارات الكتابة والتحدث، والقدرة على التفاوض بفعالية. وأن يكون لديه أيضاً فهم سياسي سليم، وخبرة ذات صلة، وقدرة على اقتناص الفرص، كما ينبغي أن يكون قادراً على الاندماج بسهولة مع المجتمع المضيف».
نصيحة
وتقدم السفيرة نصيحة للشابات الراغبات في دخول السلك الدبلوماسي، مؤكدة أن عليهن تنمية القدرة على الصمود لمواجهة التحديات والتحيزات. كما أن بناء شبكة دعم، سواء على المستوى الشخصي أو المهني، أمر أساسي للنجاح والاستمرارية في هذا المجال.
وتشير إلى أنه «يمكن للدبلوماسية أن تعكس بشكل أفضل تنوع المجتمعات التي تمثلها، وهناك عدة طرق لتحقيق ذلك: أولاً تنويع السلك الدبلوماسي، من خلال استقطاب أفراد من خلفيات وتجارب متعددة، بما في ذلك الفئات غير الممثلة بشكل كافٍ. ثانياً تعزيز التبادل الثقافي والفهم المتبادل، باستخدام الدبلوماسية الثقافية عبر الفنون، وتعلم اللغات، والشراكات التعليمية.
ثالثاً دمج وجهات نظر متنوعة في السياسات والخطاب الرسمي، عبر التشاور المنتظم مع مجموعات مختلفة داخل المجتمع لضمان تمثيل أوسع في صنع القرار».