من هو زهران ممداني؟ وكيف فاز بالانتخابات التمهيدية لعمدة بلدية نيويورك؟
زهران ممداني هو الاسم الذي لمع مبكراً في مدينة نيويورك منذ مجيئه مهاجراً إلى الولايات المتحدة الأميركية حتى أصبح مواطناً أميركياً في عام 2018 وحصوله على الجنسية الأميركية رغم ولادته في كامبالا - أوغندا، وهو من مواليد 18 أكتوبر عام 1991، فهذا الشاب النشط سياسياً من أصول هندية، وتخرج بدراسته في كلية بودوين بشهادة بكالوريوس الآداب، وينتمي إلى الحزب الديمقراطي في سياساته حتى مثّل الدائرة 36 في جمعية ولاية نيويورك عن منطقة كوينز في عام 2021.
وفي العام الحالي 2025 أعلن زهران عن ترشحه لمنصب «عمدة مدينة نيويورك» ضمن الانتخابات المقررة للبلدية، فاختار في برنامجه الانتخابي الرؤية التقدمية التي تركز على توسيع الخدمات العامة وتعزز العدالة الاقتصادية في المدينة.
وكان من أبرزها دعم توفير الحافلات مجاناً لتكون لسكان نيويورك، وأيضاً تجميد الإيجارات في المساكن الخاضعة لقوانين الاستقرار الإيجاري، وتطبيق فكرة إنشاء متاجر مملوكة من قبل البلدية بهدف كبح جماح ارتفاع الأسعار وضمان الأمن الغذائي في المناطق ذات الدخل المحدود.
تلك هي المواضيع المهمة التي لاقت قبولاً شاسعاً لدى الكثير من ناخبي المنطقة ناهيك عن مواقفه الصلبة تجاه ملف القضية الفلسطينية وتعاطفه الشديد فيما يجري من انتهاكات لحقوق الإنسان على الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي أثارت جدلاً واسعاً في المدينة، ورفضه القاطع لاعتقال الطالب الفلسطيني محمود خليل، بسبب نشاطه الطلابي في جامعة كولومبيا رفضاً لحرب الإبادة في غزة، فضلاً عن دعمه اللامحدود لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات المعروفة بـ BDS.
وقد ازدادت شهرته بشكل أكبر حينما قال علناً: سألقي القبض على نتنياهو، لو حاول زيارة مدينة نيويورك وأنا في منصب عمدة المدينة، وكذلك اختلافه مع فكرة معاداة الصهيونية، حيث أكد أنها لا تعد شكلاً من أشكال معاداة السامية، وفي المظاهرات الشعبية ضد إبادة غزة، قال بأعلى صوته لرجال الأمن: كم واحد آخر من سكان نيويورك ستعتقلون؟ وكم من سكان نيويورك سيحتجزون بلا تهمة؟ وهل تؤمنون بالتعديل الأول من الدستور؟!
وفي هذا قوبلت مواقفه الصلبة بانتقادات واسعة من قبل مؤيدي سياسة إسرائيل بينما في مقابل ذلك حظيت مواقفه بتأييد قوي من أطراف متعددة داخل التيار التقدمي في الولايات المتحدة الأميركية على الرغم من مواقفه المعارضة لسياسات الرئيس دونالد ترامب.
ففي سباق الانتخابات لعمدة مدينة نيويورك لمع اسمه عالياً، فقلب المرشح زهران ممداني، هذه الانتخابات رأساً على عقب إلى أن أصيب ناشطو الحزب الديمقراطي والمسؤولون فيه بالذهول من النجاح الباهر الذي حققه زهران، في الآونة الأخيرة وهو شاب بعمر الـ33 عاماً!
والكارثة التي لحقت بمنافسه الرئيسي وهو آندروكومو، حاكم نيويورك السابق، ولهذا اتهمه البعض ظلماً بأنه يفتقر إلى الخبرة الكافية التي تؤهله لمنصب عمدة المدينة متجاهلين صعوده التاريخي في استطلاعات الرأي، وهناك أيضاً من اتهمه حقداً بأن برنامجه الانتخابي يقتصر على إنتاج فيديوهات وإعلانات إبداعية وظهور عام مثير للجميع فقط! بينما الواقع يقول إن زهران ممداني، بشخصيته المميزة استطاع أن يجذب الملايين من خلال مقاطع فيديو أنتجها وقام بنشرها لتكون قريبة من الناخبين الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي حيث نالت هذه المواقف الارتجالية اهتماماً منقطع النظير لدى الكثيرين من الديمقراطيين وخصوصاً حينما مزج بين شخصية المحارب ومشاركته الميدانية مع الغضب الشعبي على الأخطاء الحكومية، ولعل مواقفه الصلبة مع توم هومان ومعارضته على سياسة الحدود والترحيل الإجباري مع المهاجرين كانت كافية لتكون لافتة للأنظار قائلاً: أنا أسوأ كابوس لدونالد ترامب، باعتباري مهاجراً مسلماً تقدميّاً مقاتلاً شرساً في حقوقه التي يؤمن بها.
كما انضم زهران إلى منصات إعلامية عدة نشطة، فجذب من خلالها أكثر من مليون متابع عبر «تيك توك» و«انستغرام» وإكس «X» وغيرها وانضم إلى برامج إعلامية جديدة و«بودكاست» وحسابات شعبية أدت إلى انتشار شعبيته كالبرق، فكان آخرها ظهوره كضيف مميز مع الكوميدي المعروف ستافروس هالكياس، في عطلة نهاية الأسبوع التي سبقت الانتخابات في وقت قياسي حصد من خلالها أكثر من 50 ألف مشاهد في أقل من يوم!
وكذلك استطاع زهران ممداني، جمع مبلغ 8 ملايين دولار مبلغ التبرعات الذي حددته قواعد تمويل الحملات الانتخابية متجاوزاً الحد الأقصى في المدينة، وبذلك يكون المرشح المهاجر المسلم زهران ممداني، متفوقاً على جميع منافسيه، وفوزه الساحق هو رسالة شعبية في وجه الأعداء تدل على قدرة مهاراته في جذب آلاف الناخبين.
إنه أمر نادر لم يحدث في تاريخ السياسة الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية، أدى إلى فرحة عارمة تملأ جميع الأجواء في نيويورك، ليكون أول مسلم يتقلد هذا المنصب الرفيع «عمدة ولاية نيويورك» رغم الحملة المكثفة التي قادها اللوبي الصهيوني ضده، فقد أنفق هؤلاء الأعداء ملايين الدولارات لتشويه صورته في نيويورك والعالم ولكنه تصدر السباق الانتخابي بأكثر من 43 % من أصوات الناخبين ليضع فوزاً ساحقاً شكّل صفعة حقيقية للوبي الإسرائيلي وجناحه المتطرف المتنفذ داخل ولاية نيويورك بالذات، ففي فوزه الساحق اعتبره المحللون انعكاساً نحو تحول المزاج العام في واحدة من أكبر مدن العالم وهي نيويورك، وهذا بالتأكيد دلالة واضحة على اختفاء التعاطف العالمي مع إسرائيل حيث بلغ أدنى مستوياته تاريخياً، بينما وصل تأييد الفلسطينيين إلى أعلى مستوياته في العالم أجمع...
وبالأمس، المح الرئيس ترامب، باحتمالية تجريد زهران ممداني من الجنسية الأميركية!
ولكل حادث حديث،،