ضمن مساعيها لتعزيز قيم الشراكة المجتمعية وتمكين الفئات الهشّة، نظمت جمعية الإصلاح الاجتماعي لقاءً تنويرياً، ضمن مبادرة «ساندهم» المخصصة لتأهيل وتدريب المفرج عنهم من المؤسسات الإصلاحية، تمهيداً لإعادة دمجهم في المجتمع بطريقة كريمة ومستدامة.
وشهد اللقاء، الذي أقيم اليوم بمقر جمعية الإصلاح في منطقة الروضة، حضور المنسق المقيم للأمم المتحدة لدى الكويت، السفيرة غادة الطاهر، وعدد من ممثلي الجمعيات الخيرية والجهات المدنية والرسمية، الذين أكدوا جميعاً أهمية المبادرة بوصفها نموذجاً وطنياً رائداً في العمل الإصلاحي والشراكة المجتمعية الفعالة.
وقالت السفيرة الطاهر، خلال اللقاء، إنّ الزيارة الميدانية لمنتسبي البرنامج التدريبي «تُجسّد روح التعاون والمسؤولية المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، كما تؤكّد حرص دولة الكويت، قيادةً وشعباً، على صون كرامة الإنسان وتمكينه من الحق في حياة كريمة، بمن في ذلك أولئك الذين تعثّروا في الماضي و ينوون اليوم بداية جديدة».
وأعربت الطاهر عن شكرها وتقديرها لوزارة الداخلية وإدارة المؤسسات الإصلاحية، على دورهما الريادي، مثمنةً الشراكة البنّاءة مع ديوان حقوق الإنسان الوطني، وجمعية البناء البشري للتنمية الاجتماعية، التي سعت بُخطي حثيثة وفي وقت قصير نسبياً إلى بناء شراكات متينة مع الجهات الحكومية والمدنية والخاصة، لتوفير مقاعد للتدريب الميداني، ونتأمل في أن تكون مقاعد وظيفية بعد اجتياز هذا التدريب الميداني الذي يمتد 8 أسابيع.
شراكة بناءة
ولفتت الطاهر إلى أهمية تضافر الجهود، مشيدة بالدور الذي تقوم به المؤسسات الداعمة، وفي مقدمها جمعية «نماء»، وجمعية المحامين، وشركات القطاع الخاص، إضافة إلى الجمعيات الخيرية التي انضمت أخيراً، مؤكدة أن هذا التعاون يعكس تفعيل قيمة الشراكة البناءة التي تحرص حكومة الكويت على ترسيخها مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخيري.
وأضافت: «أثبتت التجارب العالمية أن برامج التأهيل والتدريب داخل المؤسسات الإصلاحية تسهم بفاعلية في خفض معدلات العودة إلى الجريمة، وتُعزز من تماسك المجتمع واستقراره، إذ إن منح الأفراد فرصة ثانية لا يُعدّ مجرد فعلٍ من منطلق الرحمة، بل هو تجسيد لعدالة مستنيرة تُعنى ببناء الإنسان وحماية المجتمع».
وشددت على أنه «انطلاقاً من هذا الإيمان، أؤكد دعمنا الكامل في الأمم المتحدة لجمعية البناء البشري ومبادراتها الإصلاحية التي تُجسّد مبدأ العدالة، كركيزة أساسية للسلام والتنمية، ونضع في خدمتهم خبراتنا الدولية والتزامنا الثابت بقيم حقوق الإنسان».
فرص عمل
بدوره، أكد المدير العام للمؤسسات الإصلاحية، العميد فهد العبيد، أن مبادرة «ساندهم» انطلقت في ديسمبر 2023 بهدف تأهيل وتدريب نزلاء المؤسسات الإصلاحية داخل المؤسسة وخارجها، ضمن رؤية شاملة لإعادة دمجهم في المجتمع وتمكينهم من بدء حياة كريمة مستقرة بعد الإفراج عنهم.
وأوضح العميد العبيد أن المبادرة تمر بثلاث مراحل متكاملة، تبدأ بـ المرحلة النفسية والإرشادية للتعافي من الإدمان، تليها المرحلة التدريبية المهنية لاكتساب المهارات، وتختتم بالمرحلة التأهيلية التي تركز على توفير فرص العمل وتيسير الاندماج في سوق العمل.
وأشار إلى أن المؤسسات الإصلاحية نظمت اجتماعاً مع الجمعيات الخيرية المحلية، تم فيه عرض نتائج مبادرة «ساندهم» منذ انطلاقها، وأبرز البرامج التي تلقاها النزلاء المفرج عنهم.
وأضاف: «ناقشنا في الاجتماع احتياجات هذه الفئة وسبل دعمها، بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والجهات المدنية، لتوفير فرص عمل حقيقية تكفل لهم الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي».
وأكد أن هذه هي أول مجموعة من النزلاء تحتضن بهذه الطريقة الشاملة، وهو إنجاز جديد يسجل للكويت في مجال الرعاية الإصلاحية، معرباً عن الفخر بأن «هذه المبادرة سبق نوعي ناجح في العمل الإصلاحي، سنواصل تطويره بما يحقق الأهداف الإنسانية والوطنية المرجوة».
دعم راسخ
من جانبها، قالت مديرة إدارة اللجان التخصصية في الديوان الوطني لحقوق الإنسان، العنود العتيبي، إن الديوان يواصل دعمه الراسخ لمبادرة «ساندهم»، إيماناً منه بأهمية تطوير بيئة مراكز الاحتجاز، بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبما يسهم في صون كرامة الإنسان وتمكينه من العودة إلى مجتمعه بصورة إيجابية.
وشددت العتيبي على إيمان الديوان العميق بأن تمكين الإنسان - حتى وإن أخطأ - هو واجب مشترك يقع على عاتق الجميع، دولة ومؤسسات ومجتمع، لبناء بيئة أكثر أماناً وتماسكاً، تعيد تأهيل الفرد وتحفّزه ليكون عنصراً فاعلاً في وطنه.
سعد العتيبي: نموذج فعّال للشراكة المجتمعية
أكد رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية، سعد العتيبي، أن مبادرة «ساندهم» تجسد نموذجاً فعّالاً للشراكة المجتمعية بين القطاع الخيري ومؤسسات الدولة.
ولفت إلى قيام وفد من الجمعيات والمبرات الخيرية بزيارة مركز أثر للعمل التطوعي، للاطلاع على البرنامج التأهيلي للمفرج عنهم، الذي يهدف إلى دمجهم مجدداً في المجتمع وتمكينهم من استعادة دورهم كأفراد فاعلين وإيجابيين.
وذكر أن البرنامج يُجسّد مفهوم الوقاية الاجتماعية، ويضع أسساً حقيقية لعملية الإصلاح، عبر تأهيل النزلاء السابقين مهنياً وسلوكياً، وتوفير مسارات عملية تُعزز فرص دمجهم في سوق العمل، وتفتح أمامهم أبواب الأمل لحياة مستقرة وآمنة.
وبيّن أن مشاركة الجمعيات الخيرية تؤكد أنها لا تكتفي بالدور الإغاثي الخارجي فحسب، بل تُولي اهتماماً بالغاً بالبرامج والمبادرات الداخلية، التي تُلامس احتياجات المجتمع وتدعم فئاته المختلفة، لاسيما الفئات التي تحتاج إلى رعاية خاصة وفرص جديدة.
عبدالعزيز الكندري: 4 مشاريع داعمة... نفّذتها «نماء»
قال نائب الرئيس التنفيذي في نماء الخيرية - جمعية الإصلاح الاجتماعي عبدالعزيز الكندري، إن مشاركتنا في «ساندهم» تأتي في سياق التزام «نماء» بدورها الوطني والإنساني، في دعم فئات المجتمع المختلفة، لا سيما الذين يحتاجون إلى إعادة تأهيل واحتواء بعد ظروف صعبة مروا بها.
وأضاف الكندري بأن المفرج عنهم ليسوا فقط أفراداً أنهوا محكومياتهم، بل هم طاقات يمكن إعادة توجيهها نحو البناء والإنتاج إذا أُتيحت لهم الفرصة المناسبة.
وقال: حرصنا في «نماء» على ألّا تكون مشاركتنا رمزية، بل فاعلة ومؤثرة، فقمنا بتنفيذ عدد من المشاريع النوعية داخل المؤسسات الإصلاحية، شملت تشييد 4 مشاريع نوعية، منها بيت العائلة والفصول الدراسية والملعب ومضمار المشي، إضافة إلى إطلاق برامج متخصصة تهدف إلى تنمية المهارات وتعزيز الثقة بالنفس، بما يسهم في إعادة دمج النزلاء في المجتمع بأسلوب يحفظ كرامتهم ويعزز قدراتهم.
عبير الهجرس: «أثر»... مركز تأهيلي للمفرج عنهم
أعربت مسؤولة مركز أثر التطوعي التابع لنماء الخيرية عبير الهجرس، عن سعادة المركز باستضافة البرنامج التأهيلي للمفرج عنهم، ضمن مبادرة «ساندهم»، والتي تُعد من المبادرات الإنسانية الرائدة التي تهدف إلى دعم فئة تستحق الرعاية والاهتمام. إن هذا البرنامج يأتي إيماناً منّا بأهمية الدور المجتمعي في إعادة بناء حياة الأفراد بعد محنتهم، وفتح أبواب الأمل أمامهم من جديد.
وتابعت نؤمن بأن الإصلاح لا يتوقف عند أسوار المؤسسات، بل يمتد إلى المجتمع الذي يجب أن يتهيأ لاستقبال هؤلاء الأفراد واحتضانهم، ومنحهم فرصاً حقيقية للاندماج الإيجابي، ويأتي هذا البرنامج التدريبي ليمنح المفرج عنهم الأدوات اللازمة لاكتساب مهارات حياتية وعملية، تؤهلهم لسوق العمل وتدفعهم نحو الاستقرار والاعتماد على النفس.