حروف باسمة

الغرور سبيل الهاوية

30 يونيو 2025 10:00 م

صور الحياة كثيرة، ومشاهدها عديدة، واتجاهاتها مختلفة، ومساراتها متباينة.

ما أجمل من يتخذ سبل الحياة بهدوء واستقرار وثبات وسكينة! فهو يمشي على الأرض هوناً، وإذا خاطبهُ الجاهلون قال سلاماً:

ولدتك الأم والأعضاء في حال ضعيف

عاجز عن كل أكل غير مأكول خفيف

تتلقاهُ من الثديين «معسول» «لطيف»

من أقام الرزق في الثدي لهذا؟

أنت قلي؟!

هكذا حال الإنسان الضعف والوهن، فما الذي يدفعهُ إلى التكبر والتغطرس؟!

سر إن استطعت في الهواء رويداً

لا اختيالاً على رفات العباد

صاح هذه قبورنا تملأ الرحب

فأين القبور من عهد عادِ؟!

فالتكبر والغرور من سمات الضعفاء، الذين لا يطمئنون إلى ما يمتلكون من قدرة، ويعطون أنفسهم أكثر من حجمها، ويتباهون على الآخرين، وينكرون ما يتمتعون به من سمات طيبة.

فتراهم يختالون على الناس، وينكرون ما يتمتع به الآخرون من خصال طيبة، ويبتعدون عنهم حتى وإن كانوا أقاربهم، فإنهم يتنصلون من معرفتهم؛ ألم يدركوا أن:

الناسُ للناسِ من بدوٍ وحاضرةٍ

بعض لبعض وإن لم يشعروا خدمُ

هكذا الناس في معيشتهم ومسيرتهم، كلٌ يعاون الآخر ويحميه ويعمل من أجل إسعاده؛ حتى يعيش المجتمع في استقرار.

ما أجمل ما درسناهُ قديماً:

بلاد العرب أوطاني

وكل العرب إخواني

ودين الله لي دين

بإنجيل وقرآن

أنا في تونس الخضراء

أو مصر ولبنان

أنا لا ارتضي عيشاً

على ذلٍ وأهوان

هكذا الدنيا تعيش منتظمة، إذا تعاطف أهلها، يبث بعضهم إلى بعض الحنان، ويعيشون في تواضع، كما وصفهم أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام في إحدى خطبه:

المؤمنون في الدنيا هم أهل الفضائل، ملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع، غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع، قلوبهم مخزونة، وشرورهم مأمونة.

نعم، ما أجملهم! إنهم كالقنديل كلما دنوت منهُ تخبرك مسارات شعاعه عن كثير من السمات السامية، والصفات الزاهية، والإشارات النامية.

التواضع سمة الأخيار والمصلحين والمؤمنين الصالحين، إنما الغرور والتكبر والخيلاء فهي سمات الأشرار.

عزيزي القارئ! لتكن السماحة سبيلنا، والتواضع طريقنا، وصفاء القلب شيمتنا.

ولا يزيد المغرورين غرورهم إلا مقتاً.

عش ما بدا لك سالماً

في ظل شاهقة القصور

فإذا النفوس تقعقعت

في ظل حشرجة الصدور

فهناك تعلم موقناً

ما كنت إلا في غرور

حقاً:

إن النفس تميل لمن يقدرها.