عادل حسن دشتي / شقشقة / ماذا قدمنا للإسلام في ذكرى أبي الأحرار؟

1 يناير 1970 07:23 ص

أسئلة كثيرة تمر على الإنسان، وهو يسترجع الذكرى الأليمة لفاجعة استشهاد الإمام الحسين والثلة المؤمنة معه من أبنائه وبني عمومته من بني هاشم وصحبه، وما مر على أهل بيت رسول الله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً من مصائب وقتها وبعدها أبكت الحجر قبل البشر، ولكن السؤال الأبرز هنا هو: ماذا قدم كل واحد منا للإسلام؟ وهو سؤال يجب أن نحاسب أنفسنا عليه في كل يوم ولحظة، فالتضحيات التي قدمها رسول الله وأهل بيته الأطهار وصحابته الأخيار والشهداء والأحرار منذ فجر الإسلام حتى يومنا هذا لم تقدم سدى ولم تسفك دماؤهم لا طمعاً في سلطان ولا رغبة بمال، فها هو الإمام الحسين يعلنها صريحة واضحة بأنه لم يخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، ولكن طلباً للإصلاح في أمة جده رسول الله آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر. وهذه رسالة المصلحين والأحرار كلهم، فطلب الإصلاح بأشكاله كافة هو غاية الثوار ومنتهى آمال الأحرار. ولكن كم واحداً منا يستطيع حقاً السير في هذا الطريق الموحش، وكم واحداً يستطيع تحمل تبعاته وأهواله، وكم واحداً يستطيع أن يضحي بأمواله وعياله وأهله ونفسه التي بين جنبيه في سبيل الوصول الى هذه الغاية النبيلة، فما أكثر الأصحاب حين تعدهم، ولكنهم في النائبات قليل.

إن أفضل ما يمكن أن نقدمه لإسلامنا العظيم وللامام الحسين في ذكراه تقديراً منا لتضحياته هي أن نسير على نهجه وفي أن نذوب بهذا الدين العظيم، كما ذاب الإمام الحسين فيه، وأن نبتعد جميعاً عن تفتيت أمة المسلمين بعد أن قدم لها الأحرار دماءهم، فها هو الإمام الحسين يبكي على الجيش الذي سيقتله لأنهم سيدخلون النار بسببه. فليكن يوم الحسين يوم وحدة لجميع المسلمين وليبتعد علماؤنا وجهالنا سنة وشيعة وشيعة وسنة عن كل ما من شأنه أن يشوه الرسالة التي أراد الإمام الحسين إيصالها لنا قبل مئات الأعوام، والتي لا تزال متوقدة في نفوس المسلمين، فكل حديث يمزق وحدة المسلمين هو خلاف لرسالة الإمام الحسين، وكل حديث فيه تكفير لأي فرقة من المسلمين هو خلاف لرسالة الإمام الحسين، وكل فعل فيه غلو في التعبير عن عشق الحسين وإيذاء للنفس وإساءة لذكراه هو خلاف لرسالة الإمام الحسين، وأي طعن بمقدسات أي فرقة من فرق المسلمين هو خلاف لرسالة الإمام الحسين، وأي إغفال مقصود لتضحيات الإمام الحسين والطغيان الذي حاربه هى خلاف لرسالة الإمام الحسين، وكما كان ديننا العظيم لجميع الناس أبيضهم وأسودهم واحمرهم وأصفرهم، فالحسين كذلك هو لجميع الناس ولجميع الديانات، فلا عجب أن يتغنى به غاندي الهندوسي وعشرات المفكرين المسيحيين من أمثال جورج جرداق، وبولس سلامة، وعبد المسيح الإنطاكي، وروكس بن زايد العزيزي، وجبران خليل جبران، وغيرهم من عمالقة الفكر والأدب. ولكن العجب العجاب أن أكثرنا عنه وعن تضحياته ورسالته غافلون، فالسلام عليك سيدي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً.   


عادل حسن دشتي

  

 كاتب كويتي

[email protected]