الدعاية واحدة من أقوى الأدوات التي تستخدمها الدول، تستخدمها للتأثير على الجماهير وإعطائهم مادة يتغذون عليها، هذه الدعاية وعبر الإعلام الموجه تصبح أكثر حاجة وقت الحروب، سواء لتوحيد الصفوف الداخلية أو لإضعاف الروح المعنوية لدى العدو.
لكن اليوم أصبحت الدعاية لدى بعض الدول هي كل شيء، الدعاية هي السلاح الخفي الذي يعمل على تشكيل الوعي والتحكم بالمشاعر، بل أصبحت هذه الدعاية في زمننا هذا، بديلاً عن النصر وبديلاً عن التنمية والاستقرار.
اليوم ليس مهماً أن تتطور بلادك أو أن تجد الأمن والحضارة والاستقرار، هذا كله ليس مهماً مادام عندك دعاية، دعاية تغذي الجماهير بالشعارات وتمدهم بالحجج، الحجج التي تجعلهم ينجحون في هزيمة أكبر القوى والرد على كل الخصوم.
لهذا لا نستغرب من حرص البعض على استغلال مريديهم من أجل نشر رسائلهم، وأيضاً لا نستغرب انشغال أجهزة الاستخبارات لتجنيد الآلاف الذين يقضون الساعات أمام أجهزتهم لنشر ما يطلب منهم.
في الحروب اليوم ، أصبحت المنصات الرقمية الساحة الرئيسية للدعاية، ساحة تنشر الأخبار المزيفة، والفيديوهات المؤثرة، والتغريدات الموجهة.
ورغم أهمية الدعاية كوسيلة لتعبئة الموارد وحشد الشعوب قديماً، إلا أنها اليوم تستخدم بشكل سلبي، تستخدم لتزييف الحقائق ونشر الكراهية، وتشجيع الوهم على حساب الحقيقة، لقد تحولت الدعاية إلى أداة للتضليل الإعلامي، وخداع الشعوب.
ما نراه اليوم هو قيادة الجماهير إلى الهاوية ، تلك الهاوية التي يسيرون إليها وهم يصدحون بالشعارات، الشعارات التي تحجب عنهم حقيقة حياتهم ودنو مكانتهم بين الأمم، يعيشون تعساء ويموتون ضحايا، والذي يزيد الأمر دهشة ويكشف قوة تأثير الدعاية أن من هؤلاء علماء وأطباء ومثقفين، لكنهم جميعاً احتوتهم غيمة الدعاية والشعارات ففقدوا الحيادية وقدرة النقد، ومن يفقد ذلك يعيش جاهلاً مهما حمل من شهادات.
كل ما نحتاجه اليوم حملات توعية وأجهزة يثق بها الناس، تكشف لهم ذلك الغثاء والتزييف الذي تحركه أصابع مشبوهة لتمزيق أمتنا وإثارة الفتن بين بلادنا وحتى بين مكونات وطننا، الدعاية اليوم أقوى من البارود وعلينا أن نواجهها بقوة وبخطط مدروسة.