على الرغم من استمرار الحرب الشاملة والغارات الجوية اليومية على المناطق السكنية في أوكرانيا، فإننا توجهنا إلى إسطنبول في وقت سابق من هذا الشهر لعقد جولة ثانية من المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا. وخلال هذه المفاوضات الصعبة، تمكّنا، بفضل الوساطة التركية المتميزة، من التوصل إلى اتفاقيات محددة تختص بالشأن الإنساني.
لقد كان من أول النتائج العملية لهذه الاتفاقيات هو إجراء تبادل جديد لأسرى الحرب، والذي شمل أفراداً دون سن الخامسة والعشرين، وعسكريين مصابين بجروح بالغة. يُعد هذا التبادل الواسع النطاق عملاً إنسانياً بالغ الأهمية، لأنه أتاح الفرصة للإفراج عن العديد ممن كانوا يُعتبرون في عداد المفقودين سابقاً.
لقد تمّت أيضاً إعادة رفات مواطنين أوكرانيين بينهم عسكريين، إلى أوكرانيا في وقت سابق من الشهر الجاري، وتسلّمت البلاد رفات 6057 مواطناً أوكرانياً بموجب اتفاقيات إسطنبول، ولاتزال عملية تحديد الهوية لتلك الرفات تجري على قدم وساق، ولكن بات بإمكان العائلات أخيراً توديع أحبّتهم بكرامة، وهذا واجب أخلاقي على الدولة تجاه من ضحوا بحياتهم من أجل حرية أوكرانيا.
وفيما يتعلق بفلسطين، فإن الأوكرانيين يتفهمون بشكل كبير آلام الحرب ومعاناة المدنيين. وقد دعت وزارة الخارجية الأوكرانية مراراً وتكراراً جميع أطراف هذا النزاع إلى الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي، ولطالما دعمت أوكرانيا حل الدولتين والتوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع بالوسائل السياسية والدبلوماسية.
وفي إطار المبادرة الإنسانية «القمح من أوكرانيا»، تواصل أوكرانيا الوقوف إلى جانب المتضررين من النزاع في الشرق الأوسط. ففي مارس 2025، تم تسليم 553 طناً من دقيق القمح إلى فلسطين للمساعدة في تلبية الاحتياجات الغذائية العاجلة. وفي نهاية فبراير من العام نفسه، تم إرسال شحنة كبيرة من دقيق القمح إلى سوريا بلغت 4400 طن، حيث -وطبقاً لبرنامج الأغذية العالمي- ستساعد هذه المساهمة في توفير الخبز لما يقرب من 60000 سوري لمدة ستة أشهر.
أما بالنسبة لإيران، فإن أوكرانيا تتابع عن كثب وبقلق كبير المواجهة العسكرية الأخيرة، وإدراكاً منها للمخاطر التي يشكلها المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة بأسرها، نُشير إلى أن استمرار الأعمال العدائية قد تكون له عواقب سلبية على الأمن الدولي والاستقرار المالي العالمي، خصوصاً في أسواق النفط.
إن من الضروري كذلك تجنّب المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة ومنع سقوط ضحايا من المدنيين.
نحن على قناعة بأن استعادة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، تخدم مصلحة هذه المنطقة والمجتمع الدولي بأسره، بما في ذلك أوكرانيا.
* القائم بالأعمال في سفارة أوكرانيا لدى دولة الكويت