العمود الثامن / وديع الصافي... صوتك وطن

1 يناير 1970 07:36 م
أطل وديع الصافي على شاشة «المؤسسة اللبنانية للارسال» مساء الجمعة الماضي اذ حلّ ضيفاً على البرايم الخامس من برنامج «ستار أكاديمي».

أطل شيخ الشباب ابن الثانية والثمانين ليرقص على المسرح وهو يغني «زرعنا تلالك يا بلادي زرعناها زهور».

أطل بابتسامته المعهودة وصوته النابض بالحيوية والنقي بنقاء ثلج صنين والصافي بصفاء مياه نبع الصفا.

أطل ليزرع الأمل في القلوب المحطمة وليقول ان لا الزمن ولا المرض ولا الشيخوخة... لا شيء لا شيء على الاطلاق يمكن أن يضعف عزيمة الانسان الذي يتمسّك بالحياة ويصر على عيشها بكل اندفاع وبحماسة حتى آخر قطرة.

وديع الصافي كان منتشياً في تلك الليلة وزرع مسرح الأكاديمية قوة وعظمة وبثّ في النشء مروحة واسعة من القيم غناءً وكلاماً وتفاعلاً على الخشبة. ومع كل اطلالة وقف الجمهور الشاب ليصفّق له طويلاً طويلاً، وليظهر مدى تأثّره بكل كلمة من كلمات أغنيات شيخ المطربين المفعمة بمعاني التعلّق بالأرض وحب الوطن.

وديع الصافي التاريخ الفني العظيم وقف بتواضع الكبار، ولم يتوانَ عن تقبيل يد مقدمة البرنامج الرقيقة الجميلة هيلدا خليفة، ولم يرتدع عن الانحناء تواضعاً عندما قبّل يده الطالب السوري ناصيف والطالبان اللبنانيان رامي وريان.

من مخزونه الفني الزاخر اختار أن يقدّم أولا «جايين يا أرز الجبل جايين» ليشعل الحماسة في جمهور المسرح، ويشعل نيران اللوعة في قلب كل لبناني مغترب وهو يسمع هذا الكبير يقول بصوت هادر «اشتقنا لجبل نيحا لجبل صنين»، ويكمل برفقة ناصيف ليعدد أسماء ربوع لبنان الخلابة، ويوقظ الحنين الى كل زاوية من زوايا وطن الأرز والثلوج، وطن جبران خليل جبران وفيروز وصباح والرحابنة ووطن وديع الصافي والكبار الكبار في ميادين مختلفة.

وفي ظهوره الثاني مع رامي وريان كانت أغنية «سيّجنا لبنان وعليّنا سياجو» كفيلة باعادة الحماسة الى المسرح وبثّ معاني الانتماء الى الوطن من جديد.

أما أغنيته الأخيرة التي شاركه بها ناصيف أيضاً فكانت «زرعنا تلالك يا بلادي» والتي تحوّلت كسواها العديد من الأغنيات لوديع الصافي اناشيد وطنية خالدة تتردد في كل زمان ومكان ولا يجوز ان نغفل هنا الدور الكبير للشاعر مارون كرم الذي كتب كلمات الغالبية العظمى من أغنيات الصافي.

اطلالة وديع الصافي لم تكن مجرّد اضافة الى تاريخ برنامج «ستار أكاديمي» الذي بلغ موسمه السابع بل كانت لفتة تكريمية لهذا الرجل الذي حمل لبنان بصوته الى أصقاع العالم كافة وكانت مكافأة لنا نحن مشاهدو البرنامج عبر الشاشة الصغيرة اذ حظينا بجرعة عالية من الفن الأصيل التي أعادت النقاء الى آذاننا وحقنت روحنا بكمية كبيرة من الشحنات الايجابية والمعنويات العالية.

وديع الصافي أطال الله بعمرك وأدامك رمزاً فنياً خالداً وحفظ صوتك الأبيّ الذي يتحدى صلف الدهر وينتفض كطائر الفنيق عقب كل كبوة... صوتك صورة عن لبنان... صوتك وطني.



إيلي خيرالله

[email protected]