الوكالة لفتت إلى أن تقلبات أسعار النفط ستستمر بدعم تصاعد الحروب وتغير السياسات العالمية

«S&P»: احتياطيات الكويت الكبيرة مالياً حائط صد أمام تداعيات الصراع في المنطقة

17 يونيو 2025 10:10 م

- تصاعد التوترات يعيد تشكيل خارطة المخاطر الإقليمية
- تنويع اقتصادات الخليج خطوة لتقليل الاعتماد على النفط

قالت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبل للتصنيف الائتماني، في تقرير حديث صدر عنها، إن التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسلط الضوء على سيناريوهات المخاطر الجيوسياسية للدول والبنوك الإقليمية، ويشكل اختباراً لسيناريو الضغوط المتوسطة الحالي لديها، ويشتمل على جزء كبير من سيناريو الضغوط المرتفعة، مشيرة إلى أن الاحتياطيات المالية الكبيرة للكويت، تشكل حائط صد أمام تداعيات الصراع في المنطقة.

وتعتقد «S&P» أن المخاطر السلبية ازدادت، وتشير إلى احتمالية حدوث سيناريو أكثر حدة، فيما يكتنف الغموض الكبير لكيفية تطور الصراع، متوقعة الآن احتمالاً أكبر لتأثيره على الأوضاع الائتمانية الإقليمية، لافتة إلى أن قنوات انتقال مخاطر الائتمان الرئيسية، تتمثل في:

* عوامل الثقة وتجنب المستثمرين للمخاطر ما قد يُعيق النمو الاقتصادي، ويزيد تكاليف التمويل.

* أسعار الطاقة، والإنتاج، والنقل (لا يقتصر على الطاقة)، والتضخم المحتمل.

* ضعف السياحة وتدفقات رأس المال إلى الخارج.

* النفقات المتعلقة بالأمن.

وتأخذ الوكالة في الاعتبار التصاعد الأخير في التوترات الجيوسياسية الإقليمية، عند تقييمها للتصنيفات السيادية، مشيرة إلى أن ما يُحافظ على قوة التصنيفات للدول الخليجية، عوامل مثل الاحتياطيات المالية الحكومية الكبيرة والمتاحة بسهولة، متوقعة أن تستمر هذه العوامل في توفير استقرار كبير، كما لاحظت الوكالة أن الأنظمة المالية في المنطقة اتسمت بقوة ملحوظة، حيث صمدت في وجه جميع الاضطرابات الجيوسياسية، باستثناء أشدها وطأة.

وفي السنوات الأخيرة، حددت «S&P» المخاطر الجيوسياسية، كأحد أهم المخاطر السلبية على الجدارة الائتمانية السيادية، مع ما يترتب على ذلك من آثار على الاقتصاد العالمي. ويزيد تصاعد الصراع الإسرائيلي الإيراني، منذ 13 يونيو 2025، من هذه المخاطر، بإضافة عامل ضغط إضافي إلى السيناريو الأساسي الذي تستند إليه معظم تصنيفاتها السيادية الإقليمية.

وقالت الوكالة إن تصنيفاتها السيادية في المنطقة، تأخذ في الاعتبار الزيادات قصيرة الأجل في الضغوط الجيوسياسية، إلا أن قنوات انتقالها التي تحددها قد تؤثر على دول المنطقة بطرق مختلفة، منوهة إلى سعي دول الخليج إلى تنويع أنشطتها بعيداً عن النفط والغاز، وأن هذا قد بدأ في الحد من مواطن الضعف ذات الصلة. لكن لاتزال عائدات النفط والغاز حتى الآن، تُشكّل أكبر مُكوّن في الإيرادات المالية والحساب الجاري. ونتيجةً لذلك، لاتزال ديناميكيات قطاع النفط تُشكّل أساساً لمعظم الأنشطة غير النفطية، من خلال الاستثمار العام، وثقة المستهلك، وتقييمات الأصول.

وقالت الوكالة إن ارتفاع أسعار النفط، لن يفيد المنطقة إلا إذا استمر الإنتاج، واستقر الطلب العالمي، وظلت طرق التجارة مفتوحة، مضيفة أن عوامل مؤثرة أدت إلى اضطراب ديناميكيات العرض والطلب، في سوق النفط خلال 2025، وتعتقد أن ظروفاً مماثلة ستستمر على الأرجح.

وفي التحليل السيادي، تفترض «S&P» أن الأسعار ستكون متقلبة مع استمرار الصراعات الدائرة، وفي الوقت نفسه، تُحدث الرسوم الجمركية الأميركية حالة من عدم اليقين في السياسات، وتُسرّع (أوبك+) إنتاجها الإضافي، مشيرة إلى أن أسعار النفط قفزت في البداية، بأكثر مما انخفضت، في أعقاب هجوم إسرائيل على إيران في 13 يونيو الجاري.

وأضافت أن كل عامل من هذه العوامل بمفرده، قادر على إعادة إرساء مستوى سعري جديد. وحسب الوكالة فهناك احتمالية من حدوث تقلب في الأسعار. ويُعد متوسط توقعاتها للأسعار على المدى المتوسط عنصراً أساسياً في تقييمها. وفي غياب الآثار غير المؤكدة للصراع على العرض والأسعار، تفترض الوكالة حالياً أن فائض المعروض في سوق النفط سيظل يفوق نمو الطلب البطيء حتى 2025 وما بعده. وستبقي «S&P» هذا الافتراض قيد المراجعة مع تطور ديناميكيات السوق.

حكومات الخليج قادرة على مساعدة بنوكها في أشد سيناريوهات... الحرب

أكدت وكالة ستاندارد أند بورز«S&P» للتصنيف الائتماني، أن حكومات الخليج قادرة على مساعدة بنوكها في احتواء أي تخارج محتمل للأموال الأجنبية، في أشد سيناريوهات تفاقم الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، التي قد تؤثر على ثقة الأعمال في المنطقة، وذلك حسب تقرير صادر منها أمس. وقدّرت الوكالة حجم التدفقات الأجنبية، التي يُحتمل خروجها من المنطقة بنحو 240 مليار دولار، أو ما يعادل 30 في المئة من الالتزامات الخارجية لأكبر 45 بنكاً في منطقة الخليج، لكنها أضافت أن لدى البنوك في المقابل سيولة خارجية كافية، لتغطية هذه التدفقات في معظم الحالات، بافتراض قدرتها على تسييل الأصول الخارجية. وبالنسبة للسيناريوهات التي قد تؤدي لذلك، فتتضمن حسب الوكالة، استمرار الهجمات المتبادلة بين الجانبين بكثافة لفترة طويلة، أو انخراط دول أخرى في الحرب، مثل الولايات المتحدة أو دول الخليج، ما سيُؤدي لارتفاع كبير في أسعار الطاقة، وتقليص أحجام التصدير، نتيجة تأثر ممرات التجارة، وما يترتب على ذلك من آثار طويلة الأمد على الاستقرار الاقتصادي في المنطقة. وأشارت «S&P» إلى أن قطر الدولة الوحيدة خليجياً، التي قد تحتاج لتقديم بعض الدعم إلى بنوكها، قدرته عند 9 مليارات دولار، نظراً لأنه لدى البنوك القطرية أعلى صافي دين خارجي بين دول المجلس، عند نحو 31.8 في المئة من إجمالي قروض النظام المصرفي، في نهاية العام الماضي. على الجانب الآخر، نوهت الوكالة إلى أن البنوك الإماراتية، تمتلك أقوى مركز لصافي الأصول الخارجية في المنطقة، ما يجعلها الأكثر قدرة على الصمود، في وجه سيناريوهات تخارج رؤوس الأموال المفترضة.

اقتصاد إسرائيل ووضعها المالي وميزان مدفوعاتها تحت الخطر

أفادت «S&P» أن النظرة السلبية لتصنيفها الائتماني السيادي طويل الأجل لإسرائيل، والمُصنّف عند «A»، تعكس خطرَ أن يُؤدّي تصعيد الصراع العسكري إلى إضعاف اقتصاد إسرائيل ووضعها المالي وميزان مدفوعاتها بشكل كبير.

وأضافت أن ذلك التصعيد قد يشمل صدماتٍ تُؤثّر على ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين، وهروب رؤوس الأموال، وتقلّباتٍ في الأسواق المالية وأسعار الصرف. كما قد يُفاقم الضرر المادي المباشر للبنية التحتية، وما يرتبط به من مخاطر على النمو والمالية العامة.

ونوهت الوكالة في تقريرها إلى أنه يصعب تحديد نطاق هذه الآثار في هذه المرحلة. مضيفة أنه يفترض أن يُخفّف هيكل الاقتصاد الإسرائيلي إلى حدٍّ ما من تأثير الاضطرابات الأمنية، إذ يُركّز الاقتصاد على صادرات الخدمات عالية التقنية، مع وجود نسبة عالية من الموظفين القادرين على العمل من المنزل.

وفي فترات التوتر السابقة، كان للبيئة الأمنية المُشدّدة تأثيرٌ محدودٌ فقط على سلوك سكان إسرائيل، مع عدم وجود دليل على عدم استقرار الودائع المصرفية أو تحويلها إلى عملات أجنبية. وقد يُغيّر النشاط العسكري المُطوّل ذو الكثافة العالية هذا الوضع.