دبي/لندن - رويترز - تتقلص الدائرة المقربة من المرشد الأعلى السيد علي خامنئي (86 عاماً) تدريجياً. فقد شهد مقتل كبار مستشاريه العسكريين والأمنيين في ضربات جوية إسرائيلية، وهو ما تسبب، وفقاً لما قاله خمسة أشخاص مطلعين على عملية صنع قراراته، بخلل في دائرة المقربين منه، وزاد من خطر وقوع أخطاء إستراتيجية.
ووصف أحد المصادر، والذي يحضر بانتظام اجتماعات مع المرشد، خطر سوء التقدير على إيران في قضايا الدفاع والاستقرار الداخلي، بأنه أمر «بالغ الخطورة».
وقُتل عدد من كبار القادة العسكريين منذ يوم الجمعة، بينهم المستشارون الكبار لخامنئي، من الحرس الثوري، قوة النخبة العسكرية، وهم القائد العام للحرس حسين سلامي وقائد القوة الجوفضائية أمير علي حاجي زادة، الذي كان يرأس برنامج الصواريخ البالستية، ورئيس استخبارات الحرس الثوري محمد كاظمي.
ووفقاً للمصادر، التي تضم ثلاثة أشخاص يحضرون أو حضروا اجتماعات مع خامنئي حول قضايا مهمة واثنين مقربين من المسؤولين الذين يحضرون بانتظام، كان هؤلاء الرجال جزءاً من الدائرة المقربة من المرشد الأعلى التي تضم ما يتراوح بين 15 و20 مستشاراً من قادة الحرس الثوري ورجال الدين والسياسيين.
وقالت كل المصادر، إن هذه المجموعة الواسعة تجتمع من دون ترتيب مسبق، عندما يتصل مكتب المرشد بالمستشارين المناسبين لعقد لقاء في مجمعه في طهران لمناقشة قرار مهم. وأضافوا أن الأعضاء يتسمون بالولاء الشديد له ولمبادئ الجمهورية الإسلامية.
وبموجب نظام الحكم، يحظى خامئني بالقيادة العليا للقوات المسلحة، وسلطة إعلان الحرب، ويمكنه تعيين أو عزل كبار الشخصيات بما في ذلك القادة العسكريين والقضاة.
وذكر مصدر من الذين يحضرون الاجتماعات أن خامنئي هو من يتخذ القرار النهائي في المسائل المهمة، لكنه يقدر المشورة ويستمع باهتمام إلى وجهات النظر المختلفة، وغالباً ما يطلب معلومات إضافية من مستشاريه.
وقال أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن، «هناك أمران يمكن قولهما عن خامنئي: إنه عنيد للغاية لكنه حذر للغاية أيضاً».
ووفقاً لمصادر مطلعة ومحللين، فلا شك أن خامنئي يواجه قدراً أكبر من المخاطر وسط الحرب المتصاعدة مع إسرائيل، التي استهدفت شخصيات ومواقع نووية وعسكرية بهجمات جوية ما دفع إيران للرد بإطلاق صواريخ.
وأكدت المصادر الخمسة المطلعة على عملية صنع القرار لدى خامنئي، أن المقربين الآخرين الذين لم تستهدفهم الضربات الإسرائيلية مازالوا على قدر كبير من الأهمية والتأثير، بمن فيهم كبار المستشارين في الشؤون السياسية والاقتصادية والدبلوماسية.
وقال اثنان من المصادر إن خامنئي يكلف هؤلاء المستشارين بالتعامل مع أي قضايا بمجرد ظهورها، ما يوسع نطاق نفوذه مباشرة في مجموعة واسعة من المؤسسات التي تشمل المجالات العسكرية والأمنية والثقافية والسياسية والاقتصادية.
وأشارت المصادر المطلعة إلى أن هذا النهج المتبع، بما في ذلك في الهيئات الخاضعة اسمياً لسلطة الرئيس المنتخب، يعني أن مكتب المرشد غالباً ما ينخرط ليس فقط في أهم قضايا الدولة بل في تنفيذ حتى أصغر المبادرات.
وذكرت المصادر أن مجتبى نجل خامنئي، صار على مدى السنوات العشرين الماضية شخصية أكثر أهمية من أي وقت مضى في هذه العملية، إذ صنع دوراً لنفسه يصل بين الشخصيات والفصائل والمنظمات المعنية للتنسيق في قضايا محددة.
وينظر بعض أفراد الدائرة المقربة إلى مجتبى، الذي ينتمي للصفوف الوسطى من رجال الدين من حيث المكانة، على أنه خليفة محتمل لوالده. وقالت المصادر إنه بنى علاقات وثيقة مع الحرس الثوري ما منحه نفوذاً إضافياً داخل مختلف الأجهزة السياسية والأمنية.
وذكرت أن نائب شؤون الأمن السياسي في مكتب خامنئي، علي أصغر حجازي، شارك في قرارات أمنية بالغة الأهمية وغالباً ما يوصف بأنه أقوى مسؤول مخابرات في إيران.
وبحسب المصادر، في الوقت نفسه لايزال رئيس مكتب خامنئي، محمد كلبايكاني، وأيضا وزيرا الخارجية السابقان علي أكبر ولايتي وكمال خرازي، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، من المقربين الموثوق بهم في الشؤون الدبلوماسية والسياسات الداخلية مثل النزاع النووي.
ومع ذلك فإن خسارة قادة في الحرس الثوري قلصت قيادة المؤسسة العسكرية التي وضعها خامنئي في مركز السلطة منذ أن أصبح الزعيم الأعلى في عام 1989، إذ اعتمد عليها في الأمن الداخلي والإستراتيجية الإقليمية لإيران.
وفي حين أن التسلسل القيادي للجيش النظامي يخضع لوزارة الدفاع تحت قيادة الرئيس المنتخب، فإن الحرس الثوري يأتمر مباشرة بأمر خامنئي، ويحصل على أفضل العتاد العسكري لوحداته البرية والجوية والبحرية مع اضطلاع قادته بأدوار رئيسية في الدولة.
وفي الوقت الذي يواجه فيه المرشد واحدة من أخطر الفترات في تاريخ الجمهورية الإسلامية، يجد نفسه في عزلة أكبر بسبب فقد مستشارين رئيسيين آخرين في المنطقة مع الضربات التي وجهتها إسرائيل «لمحور المقاومة» المتحالف مع إيران.
وقُتل الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، الذي كان مقرباً شخصياً من خامنئي، في ضربة جوية إسرائيلية في سبتمبر الماضي، وأطاحت قوات المعارضة أيضاً، برئيس النظام السوري بشار الأسد في ديسمبر.