كلمة صدق

غريبة في بلادي!

3 يونيو 2025 10:00 م

تدخل إلى أحد المطاعم السريعة، تحادث الموظفة الآسيوية، القابعة خلف الكاشير، لتتلقى طلبك بابتسامة، تحاول مخاطبتها باللغة العربية، مرة بالفصحى، وأخرى باللهجة الكويتية، فلا تكاد تفقه من كلامك شيئاً، وكأنك ترطن عليها، منتظرة منك أن تفك لها طلاسم كلامك بلغة أخرى أجنبية.

هذا الأمر ليس حكراً على المطاعم، بل هو موجود أيضاً في كثير من المحلات التجارية، وفي مصالح كثيرة يتعامل معها الناس هنا. بل قد تجد موظفين كويتيين مجتمعين في مكان عمل واحد يتخاطبون مع بعضهم في اجتماع عمل بلغة أجنبية دون داع عملي لذلك!

هذه الأرض مرتبطة، وموطن للغة العربية وهي لغة حية، وهي لغة الفصاحة والبلاغة، وهي من اللغات المعمرة، والتي مازالت مع العصور ثابتة بقواعدها القوية، وهي تزدان وتنمو وتتألق وتتلألأ عقداً بعد عقد وقرناً بعد آخر.

تقول المستشرقة الألمانية زيفر هونكة، في اللغة العربية «كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد، فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر هذه اللغة».

كان هناك دكتور محاضر في إحدى الدورات التدريبية حول العلاقات العامة والإعلام، وكان أكثر الحضور من الموظفين الخليجيين، وأثناء حلقات التدريب أبدى الدكتور استغرابه من الانتشار الواسع في استخدام اللغة الأجنبية فيما بين الناس في أغلب الدول العربية الخليجية!

فإذا كان تعليق الدكتور المحاضر في محله، وهو يبدو كذلك، فإن هذا يعتبر أمراً غير هين، فهوية الأمة وهوية الوطن مرتبطة باللغة التي يتخاطب بها، واللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وهي لغة محفوظة، لكن هوية الشعب والأمة، هي التي تتعرض للتهديد والتغريب خصوصاً مع طغيان العولمة وأدواتها الأخطبوطية.

لذلك، على الدولة بمؤسساتها المختلفة والعديدة والشركات وأصحابها والمحلات التجارية وملاكها والذين يوظفون ويتعاقدون مجتمعين مع مئات الآلاف من الموظفين والعمال غير العرب، أن يضعوا نصب أعينهم أهمية استخدام اللغة العربية ومعرفتها من قبل هؤلاء الموظفين والعمال ولو بشكل بسيط وحثهم، وحتى تدريبهم على استخدامها، وعلى الناس محاولة التخاطب مع الأجنبي بلغة البلاد ما أمكن ذلك، وليس ذلك بقليل في حق هذه اللغة البديعة.

نعم هذه اللغة البديعة، التي قال فيها الشاعر والكاتب اللبناني حليم دموس:

لو لم تكن أم اللغات هي المنى

لكسرت أقلامي وعفت مدادي

لغة إذا وقعت على أسماعنا

كانت لنا برداً على الأكباد

ستظل رابطة تؤلف بيننا

فهي الرجاء لناطق بالضاد

وتقارب الأرواح ليس يضيره

بين الديار تباعد الأجساد