رأي قلمي

طفلٌ كامن في العمق...!

24 مايو 2025 10:00 م

إن الانطباع الذهني الذي يتركه لدينا معنى التعاطف والذكاء العاطفي، يصوّر لنا قلب الواحد منّا متجهاً نحو أمر من الأمور، ومنشغلاً به، فإذا رأى شيئاً أثار الشفقة لديه ترك ما هو منشغل به، ومال إلى الانشغال بما أثار إشفاقه، ومنَحَه العناية والاهتمام. والتعاطف مع الذات أولى من الانشغال بالتعاطف مع الآخرين.

لا ننكر أن التعاطف في الأصل نوع من العلاقة بالآخر، أما التعاطف مع الذات فهو نوع من علاقة الذات بالذات، فكما أن هناك من الناس من يحتاجون إلى تعاطفنا ودعمنا، هناك أيضاً نفوس في دواخلنا تحتاج منا إلى الرعاية والمساندة والدعم، وقيل سابقاً: تعامل مع ذاتك كما تتعامل مع أفضل صديق لك، وكلنا يعرف ما يكون بين الأصدقاء من التآزر والتعاون والنصح والعتاب والمواساة، وغيرها من قيم تصل لدرجة التدقيق في بعض الأمور للاطمئنان على حال الصديق بأنه يسير على جادة الصواب.

هناك طفل كامن في أعماق ذواتنا، وهذا الطفل يحتاج دائماً إلى من يتفهمه، ويسايره ويرعاه، ويضمه إلى صدره، وتشتد الحاجة إلى كل ذلك عندما نخفق ونتعثر في إتمام مشروع تجاري أو اجتماعي أو ثقافي أو أو، لإكمال مسيرة الحياة على أتم وجه، وحين نشعر بالعجز عن تحقيق هدف من الأهداف الكبرى، إن الحاجة إلى التعاطف مع الذات مطلوبة وتشتد الحاجة إلى التعاطف في كل المواقف التي نشعر فيها بالعجز والوهن، وخيبة الأمل، وفي كل الحالات التي نشعر فيها بانسداد الآفاق.

التعاطف مع الذات يكون في العديد من الأمور مثل النظرة الإيجابية للذات، وهذه النظرة تشتمل على التعامل مع الإخفاق والشعور بالضعف، والشعور بالارتباك على أنها أمور طبيعية جداً، وتحصل في كل الحقول والمجالات، ولا أحد موضع استثناء منهم. وتشتمل النظرة الإيجابية كذلك على تذكر المرء فضائله ونجاحاته، وبعض ما لديه من إمكانات وموارد، وفرص مهمة وكبيرة.

التعاطف مع الذات قد يشتمل أحياناً على نوع من الضحك على الذات ونوع من التفاؤل المبالغ فيه، وهذا شيء مقبول ومتفهم ما دمنا نتعامل مع طفل يسكن في أعماقنا، وما دام ذلك يساعدنا على أن نتخلص من مأزق مزعج، ويساعدنا على أن نبدأ من جديد.

[email protected]

mona_alwohaib@