فلسفة قلم

قصة نجاح 44 عاماً

22 مايو 2025 10:00 م

في 25 مايو عام 1981، أُعلن من العاصمة الإماراتية أبوظبي ميلاد أحد أهم الكيانات السياسية والاقتصادية في العالم العربي، مجلس التعاون لدول الخليج العربية. إنّ تأسيس المجلس لم يكن وليد لحظة عابرة، بل نتيجة رؤية إستراتيجية استشرفت تحديات الإقليم واحتياجات الشعوب، وجاء تتويجاً لعقود من الروابط التاريخية، والثقافية والجغرافية والمصالح المشتركة بين دول المجلس الست.

المنطقة عند التأسيس كانت تشهد تحولات جيوسياسية عميقة من الثورة الإيرانية، إلى الحرب العراقية - الإيرانية، مروراً بالتنافس الدولي على نفط الخليج، فكان لا بد من بناء مظلة إقليمية تحمي المصالح، وتنسق السياسات، وتكون صوتاً موحداً في وجه هذه التحديات.

لكن ما بدأ كمجلس تنسيقي، تطور على مدى أربعة عقود ليصبح أحد أهم الكيانات الفاعلة في السياسة الإقليمية والدولية، كيف لا، وقد صارت القمم الخليجية محط أنظار قادة دول العالم من شرق العالم إلى غربه.

بعيداً عن لغة البيانات الرسمية إلا أن مجلس التعاون حقق الكثير من الإنجازات الملموسة لمواطنيه أبرزها حرية التنقل والعمل والإقامة بين دول المجلس والسوق الخليجية المشتركة التي أتاحت فرص استثمار وتجارة أوسع استفاد منها الكثر من مواطني المجلس، بالإضافة إلى توحيد المواقف في القضايا الكبرى والسياسات التعليمية والصحية، بالإضافة إلى المشاريع الكبرى كالربط الكهربائي والربط السككي الخليجي قيد التنفيذ، كما كان المجلس المظلة الدبلوماسية المهمة في الأزمات وسط منطقة لم تهدأ من التوترات للحظة منذ عقود.

رغم ما تحقق، ورغم حالة الوفاق التي يعيشها المجلس إلا أنه يواجه تحديات لا يمكن تجاهلها من أبرزها التحولات في النظام الدولي مع صعود قوى جديدة كالصين وتراجع النفوذ الأميركي، بالإضافة إلى الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل في ظل التحول العالمي عن مصادر الطاقة التقليدية، وأيضاً الملفات الإقليمية الحساسة التي لطالما كانت مصدر توتر دائم للمنطقة، إلا أنه وبالرغم من هذه التحديات، أثبت المجلس أنه قادر على التماسك والاستمرار لأن جوهر الفكرة أكبر من كل التحديات وهو الوحدة والمصير المشترك.

اليوم، يقف مجلس التعاون أمام فرصة جديدة للتحويل من التكتل السياسي إلى اتحاد تكاملي حقيقي، مدعوم برؤى التنمية الطموحة لدى كل دولة، والطاقات الشبابية الهائلة لمواطني الخليج العربي والتحولات الاقتصادية الكبرى في العالم، ويبدو أن الشعوب الخليجية باتت أكثر قناعة من أي وقت مضى بأن الاتحاد لم يعد خياراً، بل ضرورة وجودية.

ففي ذكرى تأسيسه الـ 44، لا بد أن نقول إن مجلس التعاون ليس مجرد تعاون دول، بل قصة نجاح خليجية.