استحوذت الزيارة التاريخية لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض، على اهتمام إعلامي واسع، باعتبارها منعطفاً تاريخياً في مسار العلاقات الخليجية ـ الأميركية، وحدثاً يعكس تحوُّل الخليج من موقع التابع إلى الفاعل في السياسات العالمية.
وبالتزامن مع انعقاد القمة الخليجية ـ الأميركية، ومن قلب «واحة الإعلام» التي تحتضن ممثلي وسائل الإعلام من مختلف دول العالم، التقت «الراي» عدداً من الصحافيين والخبراء، لاستطلاع آرائهم حول أبعاد هذه الزيارة، وما تحمله من دلالات سياسية واقتصادية وأمنية، وفي ما يلي حصيلة اللقاءات:
مسعود الفك: دول الخليج باتت صانعة للقرار الدولي
رأى المحلل السياسي مسعود الفك، أن زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية تعكس تحولاً جوهرياً في موقع دول الخليج ضمن النظام الدولي، مؤكداً أن «المملكة ودول الخليج باتت شريكاً لا غنى عنه للولايات المتحدة، ليس فقط في أمن الطاقة، بل في ملفات عديدة مثل مكافحة الإرهاب، وإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية».
وأضاف الفك، أن دول الخليج أصبحت لاعباً محورياً لا غنى عنه، في أزمات دولية مثل النزاع الروسي-الأوكراني، حيث يُنظر إليها كوسيط متوازن.
وأشار إلى أن التحوّل الاقتصادي الخليجي، المدفوع برؤى تنموية مثل «رؤية السعودية 2030»، يعزز مكانة المنطقة عالمياً، من خلال تنويع مصادر الدخل والاستثمار في مجالات إستراتيجية.
نوال الجبر: القمة تأسيس لنموذج جديد من الشراكة
وصفت مديرة تحرير جريدة الرياض السعودية، نوال الجبر، القمة الاستثمارية السعودية - الأميركية بأنها «محطة مفصلية» تؤسّس لنموذج جديد من الشراكة،
لا سيما أنها جاءت في وقت يواجه فيه العالم تحديات عابرة للحدود.
وأكدت الجبر، أن المملكة تتطلع إلى شراكة لا تقتصر على البعد الاقتصادي، بل تمتد إلى التقنية والابتكار واستثمار رأس المال البشري، بما يتسق مع أهداف رؤية 2030.
وتابعت: «نتائج القمة تعكس التزام الطرفين ببناء تعاون قائم على الاحترام المتبادل، وروح الانفتاح، بما يسهم في ترسيخ الاستقرار الإقليمي، وتحقيق نظام اقتصادي أكثر عدالة».
حازم الشرقاوي: موقف خليجي موحّد أمام التحديات
لفت حازم الشرقاوي، مدير تحرير جريدة الأخبار المصرية، إلى أهمية توقيت الزيارة، التي تتزامن مع عقد القمة الأميركية ـ الخليجية في 14 الجاري، مشدداً على أن «توحد الموقف الخليجي يمثل صمام أمان لاستقرار المنطقة».
وأفاد الشرقاوي، بأن هناك استثمارات سعودية بقيمة 600 مليار دولار في السوق الأميركية، مقابل مشاريع لتوطين الصناعات الأميركية في الخليج، مبيناً أن زيارة الرئيس ترامب تشمل أيضاً دولتي قطر والإمارات، في إطار صفقات يتجاوز حجمها 300 مليار دولار.
وأوضح أن القضايا الإقليمية، كالأزمة في غزة وتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر، كانت حاضرة على طاولة النقاش، مشيداً بالاتفاق الأميركي- الحوثي الأخير، الذي ساهم في خفض التوتر، وفتح آفاقاً لحلول سلمية.
الجمعي القاسمي: السعودية تعدّل بوصلات السياسة الدولية
يصف الكاتب والباحث السياسي التونسي الجمعي القاسمي، الزيارة بأنها «حدث مفصلي»، مشيراً إلى أنها حركت البوصلة السياسية في المنطقة نحو الرياض. واعتبر أن اختيار المملكة كأول محطة خارجية للرئيس ترامب، يعكس حجم الثقة الدولية بدورها.
وقال القاسمي: «السعودية تقرأ التحولات الدولية بدقة، وتعيد تموضعها بما يخدم القضايا العربية، وستكون لهذه الزيارة انعكاسات تتجاوز الملفات الثنائية، لتطول ملفات إقليمية ساخنة».
وخلص إلى أن نتائج الزيارة ستنسجم مع المواقف السعودية الداعمة للاستقرار والتنمية، كأدوات رئيسية لتحقيق الأمن في المنطقة.
نادين خماش: السعودية لاعب عالمي في حل النزاعات
قالت الإعلامية بقناة العربية السعودية، نادين خماش، إن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة تُعد «زيارة تاريخية بكل المقاييس»، مشيرة إلى أنها استقطبت اهتماماً إعلامياً واسعاً على مستوى العالم.
وأوضحت خماش أن مركز الإعلام (واحة الإعلام) يشهد توافد عدد كبير من الصحافيين ووسائل الإعلام من مختلف الدول، ما يعكس أهمية الحدث.
وأضافت أن السعودية لم تعد تقتصر على دور إقليمي، بل أصبحت تؤدي دوراً عالمياً في حل النزاعات عبر الحوار لا الحرب، مشيرة إلى أن هذه الزيارة تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة للمملكة في الساحتين السياسية والاقتصادية.
وأكدت أن الجانب الاقتصادي يشكل محوراً رئيسياً في هذه الزيارة، خصوصاً في ظل الحديث عن صفقات كبرى وتعاون في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز شراكتها مع السعودية في هذا المجال الواعد.
«واحة الإعلام»
يعتبر مشروع «واحة الإعلام» أحد المشاريع السعودية الرائدة، منذ انطلاقه في عام 2023، ويهدف إلى تمكين صناعة الإعلام في المملكة، من خلال بيئة متكاملة تجمع بين التقنيات الحديثة، والمحتوى الإبداعي، والتدريب المتخصص.
وتمثل الواحة مركزاً متقدماً لدعم المواهب الإعلامية، وتحفيز الابتكار، وتعزيز الشراكات المحلية والدولية، بما يواكب مستهدفات رؤية 2030 في تطوير القطاع الإعلامي وتوسيع أثره محلياً وعالمياً.