الحج تطهير للنفس من الآثام؛ فهل يبدأ الحاج تلك العبادة العظيمة بذنوب وطرق ملتوية لأداء حجته؟! مثل الموظف الذي جعل حجته مبنية على غش وتزوير، عندما أخذ إجازة طبية وهمية، أو أثبت حضوره بتواقيع مزورة، أو اتفاق مع مسؤوله، واعتبر ذلك أمراً بسيطاً، مع قدرته على أخذ إجازة رسمية، وحتى لو لم يقدر؛ فإنه لا يكلف بالحج إلا من سمحت له ظروفه بأداء حجته، ولا اضطرار في ذلك، فإن الحج يؤجل إلى حين ميسرة.
لا خلاف أنها إجازة فيها خداع وخيانة للأمانة، فلا يكون الكذب طريقاً للوصول إلى العبادة؛ فإن كان التزوير في الأصل محرماً، فما بالك بمن زوّر للتّمكن من أداء الحج! وما حُكم أخذ جزء من راتب أيام غاب فيها عن العمل؟ وأسئلة أخرى تتعلق بهذا العمل.
على من وقع في مثل تلك الذنوب العظيمة أحكام يجب عليه معرفتها؛ فإنه يعرضها على المتخصصين من أهل الفتوى الثقات وإن كانوا قِلّة، لا من أهل الفتاوى المتعارضة الدُخلاء على الإفتاء حتى لو كان لهم صيت وإقبال؛ لأنها أحكام دقيقة جداً، وخاصة بركن من أركان الإسلام.
من أهم الأسئلة والأحكام في ذلك؛ حكم الأموال التي أخذها من راتبه خلال تلك الأيام التي انقطع فيها عن عمله، وهي ما يطلق عليها بالمال الخبيث؟ وهل يخبر الإدارة حتى تسحب منه تلك الأموال؟ وهل يمكنه تعويض الأيام التي توقف فيها عن العمل بعرض أمره على المشرف لتعويضها بأعمال أخرى؟ وغير ذلك من أسئلة.
لا تبدأ حجتك بمعصية تظن أنها للتيسير؛ فإن الهدف والمراد من الحج هو التقرب إلى الله تعالى بالخيرات والطاعات، والتنزه عن الذنوب والسيئات حتى يكون الحج مبروراً.
وقد سُئل النبي عليه الصلاة والسلام: أي الأعمال أفضل؟ فقال: (إيمان بالله ورسـوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا ؟ قال: حج مبرور)، والحج المبرور هو الحج المقبول الذي لا يخالطه شيء من الإثم، والذي لا رياء فيه، وذكر العلماء أنه الحج الذي وُفّيت أحكامه، ووقع مِنَ المكلف على الوجه الأكمل دون أن يعصي الله تعالى فيه أثناء أدائه.
aaalsenan@